النصرة من الإرهاب إلى التحالف.. من يصنع الوحوش في الظل؟

المعلومة / خاص ...
في خطوة أثارت جدلًا سياسيًا وأمنيًا واسعًا، اتخذت الإدارة الأميركية قرارًا بشطب "جبهة النصرة" — الفرع السوري لتنظيم القاعدة — من قائمة الإرهاب، وهو قرار يبدو للوهلة الأولى متناقضًا بشكل صارخ مع الخطاب الأميركي المعلن حول "الحرب على الإرهاب"، خاصة أن النصرة تُعد الامتداد المباشر لتنظيم القاعدة، المسؤول عن هجمات 11 سبتمبر التي غيّرت العالم ودفعت الولايات المتحدة لاجتياح أفغانستان والعراق.
*غايات استراتيجية وراء إعادة تأهيل الارهابيين
هذا القرار لا يأتي بمعزل عن سياق استراتيجي أكبر، بل يعكس تحوّلًا عميقًا في عقيدة الأمن القومي الأميركي والغربي، يهدف إلى إعادة توظيف الجماعات الاجرامية كأدوات جيوسياسية.
النصرة، وإن اختلفت في التكتيك عن داعش، تظل جماعة ذات أيديولوجيا متطرفة، لكن الولايات المتحدة ترى في بعض فصائلها فرصة يمكن استغلالها لإعادة تشكيل التوازنات في سوريا وربما في الإقليم ككل.
*تهيئة بيئة لصناعة "دول بديلة.
ما يجري اليوم ليس سوى فصل جديد من مشروع إعادة تقسيم الشرق الأوسط، لكن هذه المرة بوسائل ناعمة وخلايا مرنة، لا دبابات وجيوش. الجماعات الاجرامية تُستخدم كأدوات بيد أمريكيا لفرض واقع سياسي جديد على الأرض، تمهيدًا لولادة كيانات طائفية، إثنية أو عقائدية جديدة.
*إضعاف الدول القومية وخلق فراغات استراتيجية
القرار يعزز سيناريو الانهيار البطيء لبعض الدول ذات البنية المتصدعة، ما يفتح المجال أمام مشاريع دولية، أبرزها المشروع الإسرائيلي طويل الأمد بربط نهر الفرات بالمجال الحيوي الإسرائيلي، وتقسيم لبنان إلى كانتونات مذهبية.
*الشرق الأوسط الجديد.. نسخة مطورة من مشروع "إيغال آلون"
الخطط المرسومة اليوم لا تنفصل عن رؤى تاريخية قديمة، مثل خطة "إيغال آلون" التي دعت إلى تقسيم المشرق العربي وإقامة دويلات على أسس دينية وعرقية، ما نراه اليوم هو نسخة أكثر دهاءً وتعدد أدوات دولة درزية في جنوب سوريا ودويلة سنية على حدود العراق وسوريا مع إعادة هيكلة العلاقة مع تركيا عبر خلق تهديدات حدودية "مدارة.

• 

 

*إسرائيل المستفيد الأوحد؟
تل أبيب تدعم أي مشروع يؤدي إلى تفتيت محيطها الاستراتيجي، إعادة تفعيل "النصرة" أو جماعات مثلها تخلق واقعًا جديدًا على حدودها الشمالية، سعيا لإشغال حزب الله ويبدد قوة الجيش السوري، ويمنحها حرية أوسع في التحرك، سياسيًا وأمنيًا.
*هل نحن على أعتاب "سايكس بيكو" جديدة؟
القرار الأميركي بشطب النصرة من قائمة الإرهاب ليس مجرد "مراجعة تقنية"، بل هو تدشينٌ لمرحلة جديدة من التلاعب بالجماعات المسلحة كأدوات لتنفيذ مشاريع كبرى، ما ينتظر المنطقة ليس "الشرق الأوسط الجديد" الذي بشّر به بوش الابن، بل شرق أوسط متعدد الجحيمات الصغيرة، تتصارع فيه الدويلات، في حين تحتكر القوى الكبرى والهياكل الأمنية الإقليمية من إسرائيل إلى الناتو مفاتيح السيطرة الحقيقية.انتهى / 25