الهركي يرفض العودة لبيت الطاعة .. ومليشيا البيشمركة تنهار داخليا تحت عباءة البارزاني

المعلومة / خاص ..
في مشهد يُشبه حربًا أهلية مصغرة، انفجرت الأزمة الكامنة في قضاء خبات التابع لمحافظة أربيل، بين من يُفترض أنهم “حماة الإقليم” وقبائل كانت حتى الأمس القريب حليفة للحزب الحاكم. الصراع لم يكن حول دولة، ولا قانون، بل حول مجرى ماء أصبح شرارة لحرب دامية، كشفت المستور: الميليشيا الكردية بزي البيشمركة لم تعد سوى أداة طيعة في يد العائلة البارزانية.
من “الزيرفاني” إلى “الخصخصة الأمنية”
اندلعت المواجهات الدامية بين قوات الزيرفاني – وهي قوة نخبة في البيشمركة يُشرف عليها مباشرة الحزب الديمقراطي الكردستاني – ومسلحين من عشيرة الهركي بقيادة الضابط المتمرد خورشيد هركي. 
خلف المظهر الرسمي، كان الصراع صراعًا داخليًا داخل ميليشيا الحزب الحاكم نفسه، بين أجنحة فقدت التفاهم، وأدمنت النفوذ، وأشهرت السلاح ضد بعضها.
فمن جهة، بشار مشير آغا، ابن عشيرة كوران والمقرب من العائلة البارزانية، مدعوم بوحدات “الزيرفاني” ومُحصَّن برضا الحزب ، ومن الجهة الأخرى، خورشيد هركي، أحد صنيعة البارتي سابقًا، الذي تمرد على أوامرهم وتحول إلى رأس حربة ضدهم ، المشهد تجاوز الانفلات الأمني، ليصل إلى تمرد علني داخل مؤسسة عسكرية تتداعى تحت وطأة الولاءات العشائرية والسياسية.
نار الحزب تأكل رجاله
ما جرى لم يكن صدفة ، الأسلحة الثقيلة التي استخدمتها عشيرة الهركي هي نفسها التي زودها بها الحزب سابقًا، لتحكم بها مناطق النفوذ مثل كلك. الحزب هو من سلّحهم، ومكّنهم، وأغراهم بالزعامة، حتى تحوّلوا إلى قنابل موقوتة.
قوات الأسايش التي اقتحمت المنطقة لاعتقال خورشيد، لم تكن تنفذ حكمًا قضائيًا، بل كانت تنفذ أمرًا حزبيًا: إعادة المنشق إلى بيت الطاعة ، وحين فشل ذلك، احترقت شوارع خبات بنيران “الزيرفاني” وسلاح العشيرة.

• 

 

الدولة تغرق في “البارتي”
التقارير الميدانية وشهادات السكان تشير إلى استخدام مفرط للقوة، و”عمليات انتقامية” نفذتها قوات الزيرفاني ضد مناطق الهركي ، وما يحدث اليوم في أربيل ليس أكثر من انهيار للقانون لصالح سلاح حزب سياسي، حول قوات البيشمركة إلى مليشيا ترتدي زي الدولة لكنها تأتمر بأوامر العائلة الحاكمة.
الضربة الكبرى كانت في الثقة الشعبية: كيف يثق المواطنون بقوة من المفترض أنها تدافع عنهم، بينما تنقسم داخليًا على أساس العشيرة والحزب؟
صرخة من المنفى..وتهديد بالحرب الأهلية
القيادي العشائري جوهر آغا، المقيم في بغداد، فجّر الموقف أكثر بدعوته أبناء عشيرته إلى الانتفاض ضد “ديكتاتورية العائلة البارزانية”. صوته الذي تردد كالرعد عبر مواقع التواصل، لم يكن مجرد حماس قبلي، بل دعوة صريحة لتصعيد مسلح، قد يتحول إلى نار لا تبقي ولا تذر في إقليم يترنح بين القومية والعائلية.
كردستان على شفا الانهيار
المعارك في خبات ليست مجرد نزاع محلي ، بل هي نتيجة طبيعية لتحويل البيشمركة إلى ذراع حزبي ميليشياوي، وانفجار احتقان عمره سنوات ،التداخل بين السلطة الحزبية والعسكرية أنهى مبدأ الدولة، وحوّل أربيل إلى ساحة صراع بين بارونات السلاح والولاء.
وما لم يتم تفكيك منظومة الميليشيا الحزبية، وتجريد البارتي من هيمنته على المؤسسة الأمنية، فإن السيناريو السوري ليس ببعيد ، إنها  رسالة دامية أن الولاءات الصغيرة تقتل الأوطان الكبيرة. انتهى / ٢٥