بين العزلة الأميركية والمخاطر العراقية.. الرسوم الجمركية تضع العلاقات التجارية على المحك
المعلومة / بغداد ..
فرضت الولايات المتحدة خلال فترة رئاسة دونالد ترامب رسوماً جمركية جديدة بنسبة 30% على الصادرات العراقية، وهو ما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية العراقية بشأن تداعيات هذه الخطوة على الاقتصاد الوطني.
ورغم أن حجم التبادل التجاري بين بغداد وواشنطن لا يزال محدوداً، خصوصاً في ما يتعلق بالصادرات العراقية غير النفطية، إلا أن مراقبين يرون أن القرار الأميركي قد يشكل سابقة خطيرة قد تؤثر على خطط العراق المستقبلية في تنويع اقتصاده والانفتاح على الأسواق العالمية.
الخبير الاقتصادي صفوان قصي أكد في تصريح لوكالة /المعلومة/ أن الخطوة الأميركية تمثل تحدياً جديداً أمام العراق، وتفرض على الحكومة مراجعة شاملة للعلاقات التجارية والميزان التجاري بين البلدين، بما يضمن العدالة في التعامل التجاري ويشجع على النمو المتبادل.
وأوضح أن من الضروري التفاوض على اتفاق يخفف من هذه الإجراءات عبر خفض الرسوم على السلع الأميركية المستوردة إلى العراق، مقابل منح تسهيلات مماثلة للبضائع العراقية.
وأشار قصي إلى أن الأثر الفوري للقرار الأميركي قد يكون محدوداً، نظراً لقلة الصادرات العراقية إلى الولايات المتحدة حالياً، لكنه حذر من تداعيات مستقبلية في حال توسعت الصادرات لتشمل قطاعات مثل الحديد والإسمنت والفوسفات.
وأكد أن العراق يسعى لتمكين قطاعه المصرفي من إجراء التحويلات المالية المباشرة إلى الأسواق الأميركية، وهو ما سيساهم في تعزيز الثقة التجارية بين الطرفين ويدعم خطط الاستثمار الثنائية.
في المقابل، يرى الباحث في الشأن الاقتصادي ضياء عبد الكريم أن الرسوم التي فرضها ترامب لن يكون لها تأثير فعلي على الاقتصاد العراقي، لأن العراق في الأساس لا يملك صادرات كبيرة موجهة إلى السوق الأميركية، كما أن اقتصاده يعتمد بشكل شبه كلي على صادرات النفط التي لا تشملها هذه الرسوم.
وانتقد عبد الكريم السياسات الاقتصادية التي اتبعها ترامب، معتبراً إياها مدخلاً إلى عزلة اقتصادية قد تضر بالولايات المتحدة أكثر من غيرها، خصوصاً أنها دخلت في صراعات تجارية مع عدد من الشركاء التقليديين مثل الاتحاد الأوروبي.
وأضاف عبد الكريم أن السوق العالمي لا يقتصر على الولايات المتحدة، ويمكن للعراق أن يعوض أي نقص أو تعقيد في التبادل التجاري مع أميركا من خلال التوجه نحو أسواق بديلة في أوروبا وآسيا، خصوصاً أن العراق بحاجة لتوسيع قاعدة شركائه التجاريين وتحقيق أكبر قدر من التوازن في علاقاته الاقتصادية.
رغم التباين في التقديرات حول التأثير الفعلي للقرار الأميركي، إلا أن القلق في الأوساط الاقتصادية العراقية يبقى مبرراً، خاصة في ظل غياب سياسة تجارية واضحة لدى الحكومة العراقية للتعامل مع مثل هذه المستجدات.
ويرى كثيرون أن على بغداد التحرك سريعاً نحو بلورة استراتيجية اقتصادية جديدة تعيد التوازن للعلاقات التجارية وتقلل من الاعتماد على شركاء غير موثوقين في قراراتهم الاقتصادية.
ويجمع المراقبون على أن الخطوة الأميركية، سواء كان لها تأثير مباشر أم لا، تسلط الضوء على هشاشة الاقتصاد العراقي في وجه التغييرات الخارجية، وتؤكد مجدداً على الحاجة لإصلاحات اقتصادية عميقة تضمن الاستقلالية وتمنح العراق قدرة أكبر على مواجهة التحولات الدولية بثقة واستعداد.انتهى 25/س
