القاضي زيدان: اتفاقية خور عبد الله دخلت حيّز التنفيذ وأصبحت ملزمة

المعلومة/بغداد ..
أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان أن قرار المحكمة الاتحادية العليا بشأن اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله بين العراق والكويت، الصادر بتاريخ 4 أيلول 2023، يفتقر إلى الأساس الدستوري والقانوني، ويُهدد بخلق فراغ تشريعي واضطراب دبلوماسي له تداعيات خطيرة على التزامات العراق الدولية.
وقال زيدان في مقال اطلعت عليه وكالة /المعلومة/، " تُعَدّ اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله المُبرَمة في 2012/4/29 بين العراق والكويت معالجة فنية وإدارية لآثار جريمة غزو الدكتاتور صدام حسين للكويت عام 1990"، لافتا الى ترسيم الحدود بموجب قرار مجلس الأمن رقم (833) لسنة 1993 إذ أكّدت مادتها السادسة أن الاتفاقية "لا تؤثر على الحدود بين الطرفين في خور عبد الله المقررة بموجب قرار مجلس الأمن رقم (833) لسنة 1992".
وأوضح أن "الاتفاقية دخلت حيّز التنفيذ وفقًا لمبدأ "pacta sunt servanda"، وهو من المبادئ الأساسية في القانون الدولي، ويقضي بضرورة احترام المعاهدات والوفاء بالالتزامات. وقد استكملت الكويت إجراءات التصديق عليها عبر مجلس الأمة، وصادق العراق عليها في حينه، مما أكسبها شرعية قانونية ملزمة للطرفين".
وعند الطعن بها، قضت المحكمة الاتحادية في وقت سابق بردّ الدعوى لعدم استنادها إلى أساس دستوري أو قانوني، ما ثبّت قانونية الاتفاقية داخليًا، ومنحها الحصانة من الطعون المستقبلية.
رغم ذلك، عادت المحكمة في قرار لاحق واعتبرت أن قانون التصديق على الاتفاقية (رقم 42 لسنة 2013) غير دستوري، بحجة عدم حصوله على تصويت أغلبية الثلثين، في سابقة قانونية تُهدد بإبطال أكثر من 400 اتفاقية دولية أُبرمت خلال العقدين الماضيين بذات الآلية (الأغلبية البسيطة)، مما يعني تقويض المنظومة المعاهدية العراقية بأكملها.
ونوّه القاضي زيدان بأن مبدأ العدول القضائي في النظام العراقي يُعد أداة استثنائية جدًا، حصرها المشرّع في المادة (13/أولًا/1) من قانون التنظيم القضائي، ومنحها فقط لـالهيئة العامة لمحكمة التمييز الاتحادية دون غيرها، وبشروط مشددة منها أن يكون العدول على مبدأ قضائي مجرد، لا على حكم قطعي، وأن يصدر بقرار معلّل يحترم الحقوق المكتسبة.
وأكد أن هذه القيود تهدف إلى ضمان استقرار التعاملات، وحماية مبدأ حجية الأحكام المنصوص عليه في المادة (105) من قانون الإثبات، ومنع استخدام "الإصلاح القضائي" كذريعة لنسف الأحكام النهائية.
نظام داخلي لا يعلو على القانون
أشار زيدان إلى أن المحكمة الاتحادية استندت إلى المادة 45 من نظامها الداخلي لإضفاء شرعية على ما وصفته بـ"العدول"، رغم أن هذه المادة تتعلق بالمبادئ القضائية فقط، ولا تبرر نقض حكم قطعي، خاصة أن النظام الداخلي ليس في مرتبة القانون ولا يصلح لتوسيع اختصاصات المحكمة.
واعتبر أن المحكمة، بقرارها المؤرخ 2023/09/04، نقضت حكمًا نهائيًا صادرًا في 2014/12/18 بشأن الاتفاقية، ووصفت ذلك بالعدول، وهو خرق صريح لمبدأ حجية الأمر المقضي به، وإلغاء لحكم أسّس لالتزام معاهدي مودَع رسميًا لدى الأمم المتحدة.
واختتم رئيس مجلس القضاء الأعلى بيانه بالتأكيد أن أي قرار يُطلق عليه "عدول" خارج الضوابط القانونية والدستورية، وخصوصًا إذا مسّ حكمًا نهائيًا أو صدر عن جهة لا تملك الاختصاص، يُعد لغوًا قانونيًا لا يُعتدّ به، ويُلحق ضررًا مباشرًا بمبدأ سيادة القانون وبثقة المتقاضين بالقضاء.
واعتبر أن قرار المحكمة في عام 2014 اتّسم بالانسجام مع الدستور والقانون الدولي، وحقق يقينًا قانونيًا داخليًا وخارجيًا، في حين أن قرار عام 2023 افتقر إلى المشروعية القانونية وأحدث تداعيات لا يُستهان بها على الصعيدين الوطني والدولي.انتهى/25