المعلومة/تقرير.. في وقتٍ تمر فيه البلاد بأدق مراحلها الأمنية والسياسية، يعود بعض الأطراف السياسية إلى محاولات العرقلة والتشكيك، وهذه المرة تحت غطاء "التحفظ" على قانون الحشد الشعبي. وبينما يرى غالبية العراقيين في هذا القانون ضرورة وطنية لتنظيم مؤسسة كان لها الدور الأبرز في دحر الإرهاب وصون وحدة البلاد، تصر بعض الكتل – خاصة السنية والكردية – على اتخاذ موقف الرفض، مدفوعة بحسابات سياسية ضيقة، وأجندات إقليمية ودولية لا تخفى على أحد.
إن التلكؤ في تمرير قانون الحشد الشعبي، وافتعال الضجيج حوله، لا يمكن قراءته إلا في إطار سياسة ممنهجة لتعطيل بناء الدولة، وتعزيز الفراغ الأمني الذي لا يخدم سوى أعداء العراق. فالحشد الشعبي ليس ميليشيا كما يروج بعض الساسة المتنكرين لتضحياته، بل هو مؤسسة أمنية أثبتت فاعليتها في أحلك الظروف، وآن الأوان لتثبيت موقعها ضمن الإطار القانوني للدولة، حفاظًا على حقوق منتسبيه أولاً، وصونًا للسلم الأهلي ثانياً.
المواقف الرافضة للقانون تكشف بشكل صارخ عن إصرار بعض الكتل على إبقاء البلاد رهينة الانقسامات والطروحات الطائفية المسمومة، رغم أن القانون بصيغته الحالية لا يمنح امتيازًا لطرف على حساب آخر، بل يعالج فراغًا تشريعيًا كبيرًا في الهيكل الأمني العراقي. أما التذرع بـ"عسكرة الدولة"، فهو مجرد ذريعة مهترئة لمن لا يريد للدولة أن تنهض بمؤسساتها الفاعلة.
* خلط الأوراق وبخصوص هذه الموضوع, وجّه النائب جواد الياسري ، اتهامات مباشرة للكتل السنية بالسعي لعرقلة تمرير القانون، مشيراً إلى أن هذه الكتل "تتبنى مواقف قائمة على حسابات ضيقة لا تصب في مصلحة العراق", مؤكدا في تصريح خص به وكالة /المعلومة/ أن “قانون الحشد الشعبي يمثل خطوة استراتيجية لتنظيم عمل هذه المؤسسة الأمنية، وضمان حقوق منتسبيها، فضلًا عن مساهمته الفاعلة في ترسيخ الاستقرار الأمني في جميع المحافظات”.
وأضاف الياسري أن “هناك جهات داخل قبة البرلمان تحاول خلط الأوراق وافتعال أزمات لمنع تمرير هذا القانون، رغم كونه أحد أهم القوانين الوطنية التي تصب في مصلحة الأمن القومي”.
* خلف الكواليس وفي السياق ذاته، كشف تقرير لموقع "لونغ وار جورنال" الأمريكي، ترجمته /المعلومة/، عن ضغوط أمريكية تقف خلف الكواليس لإفشال تمرير هذا القانون، مشيرًا إلى أن وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، أبلغ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بقلق بلاده من هذه الخطوة، في وقت تبدي فيه واشنطن مخاوف من تنامي نفوذ الحشد الشعبي باعتباره فاعلًا أيديولوجيًا مؤثرًا في المشهد الأمني.
وأوضح التقرير أن السوداني ردّ على تلك المخاوف بالتأكيد على أن "القانون يُعد جزءًا من عملية إصلاح أمني شاملة، وهو مدرج ضمن البرنامج الحكومي المصادق عليه، على غرار قوانين تنظم أجهزة أمنية أخرى كالمخابرات والأمن الوطني".
وأشار التقرير إلى أن مسودة القانون تسعى لجعل هيئة الحشد الشعبي مؤسسة أمنية مستقلة، لها هيكل تنظيمي خاص واستقلال مالي، وأن رئيس الهيئة سيكون بدرجة وزير ويتبع مباشرة القائد العام للقوات المسلحة، مع إمكانية إنشاء أكاديمية عسكرية خاصة بها.
لكن هذا التوجه لا يخلو من العقبات، إذ تؤكد مصادر نيابية أن الكتل السنية والكردية تعارض هذا القانون بشدة، خوفاً من تكريس "عسكرة" الساحة السياسية، وتعزيز النفوذ الشيعي على حساب توازن القوى داخل مؤسسات الدولة.
وإن مسار قانون الحشد الشعبي لا يزال متعرجًا، تتقاذفه التجاذبات السياسية وضغوط العواصم الأجنبية، وسط مخاوف من أن يتحول إلى نقطة اشتباك جديدة تهدد ما تبقى من الانسجام السياسي الهش داخل البرلمان. وبينما يراه البعض ضرورة وطنية لتنظيم مؤسسة ساهمت في الدفاع عن العراق، يراه آخرون مدخلاً لخلخلة التوازنات الطائفية، في مشهد سياسي لا يزال يرزح تحت وطأة الاستقطاب والانقسام.انتهى25ز