قانون الحشد الشعبي.. اختبار للسيادة أم مواجهة مع واشنطن

المعلومة / بغداد ..

عاد ملف التدخلات الأميركية في الشأن العراقي الداخلي إلى واجهة المشهد السياسي مجدداً، في ظل تصاعد الانتقادات من قِبل نواب ومكونات سياسية بارزة، وعلى رأسها تحالف الإطار التنسيقي، الذي اعتبر تلك التدخلات تجاوزاً صارخاً للسيادة الوطنية، ومؤشراً خطيراً على ضعف الأداء الحكومي في التصدي للضغوط الخارجية.

وأكد عضو مجلس النواب مختار الموسوي، في تصريح خصّ به وكالة /المعلومة/، أن "الشأن الداخلي العراقي يمثل خطاً أحمر لا يجوز لأي جهة أو دولة تجاوزه، لكن الولايات المتحدة الأميركية عبرت هذا الخط نتيجة تراخي الحكومة ووزارة الخارجية في الدفاع عن السيادة".

وأوضح الموسوي أن التدخلات الأميركية الأخيرة تمثلت في فرض توصيات وإملاءات سياسية تمس جوهر الاستقلال الوطني، مشدداً على ضرورة أن "تتخذ الحكومة موقفاً حازماً من هذه التدخلات المتكررة، وأن لا تفتح أي باب يسمح للولايات المتحدة بالتأثير في الشؤون الداخلية للبلاد".

• 

وحذر الموسوي من أن استمرار هذا النهج الأميركي قد يؤدي في المستقبل إلى تدخل مباشر في مفاصل الدوائر التنفيذية والإدارية، وهو ما اعتبره "خطراً كبيراً على مستقبل القرار السيادي العراقي"، مضيفاً: "هناك أساليب كثيرة يمكن أن تعتمدها بغداد للحد من الضغوط الأميركية، تبدأ من مراجعة الاتفاقيات الثنائية، ولا تنتهي بخيارات الرد السياسي والاقتصادي".

وفي السياق ذاته، شكّل مشروع قانون هيكلية الحشد الشعبي أحد أبرز المحاور التي كشفت حجم التدخل الأميركي المرفوض في قرارات البرلمان العراقي. 

فقد أكد النائب عن ائتلاف دولة القانون، حيدر اللامي، أن تمرير القانون سيتم "بأي وسيلة كانت"، وأنه يمثل “قراراً سيادياً عراقياً بامتياز رغم الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة وبعض القوى السياسية المرتبطة بها.

وأوضح اللامي في حديثه لوكالة /المعلومة/ أن "الاجتماع الأخير للإطار التنسيقي أفضى إلى توافق سياسي شامل على تمرير قانون هيكلية الحشد"، مشيراً إلى أن "القانون سيُعرض للتصويت بصورة منفردة، بعيداً عن أي صفقات أو تفاهمات سياسية مشروطة".

• 

وأشار إلى أن "القانون يحظى بدعم شعبي واسع، لاسيما في المناطق الوسطى والجنوبية، وسيتم تمريره سواء عبر الأغلبية البرلمانية أو أي طريقة أخرى متاحة"، مؤكداً أن "أي محاولات لعرقلة القانون ستُواجَه برد جماهيري واحتجاجات قوية".

تأتي هذه التطورات وسط أجواء سياسية مشحونة، إذ يعتبر مراقبون أن محاولة الولايات المتحدة التأثير على ملفات حساسة، مثل قانون الحشد الشعبي أو سياسات الحكومة الأمنية، تمثل محاولة لإعادة صياغة القرار العراقي الداخلي وفقاً لمصالحها، في وقت لا يزال الشارع العراقي يعيش حالة من القلق من تداعيات هذه التدخلات.

ويرى متابعون أن استمرار الصمت الحكومي تجاه هذه التحذيرات قد يُفقد بغداد المزيد من أدوات السيادة، خصوصاً في ظل تشابك الملفات الأمنية والسياسية، وتنامي الضغط الشعبي المطالب بمواقف أكثر وضوحاً وصلابة تجاه أي تدخل خارجي.

• 

 

ختاماً، فإن المشهد السياسي العراقي يقف اليوم أمام مفترق طرق حساس، فإما أن يعيد تثبيت قواعد الاستقلال السياسي والقرار السيادي، أو أن يستمر في الرضوخ غير المباشر لضغوط الخارج، ما قد يفتح الباب أمام مزيد من التدخلات التي تهدد النسيج الوطني واستقرار الدولة.انتهى 25/س