مجمعات استثمارية بلا مشترين ومشاريع حكومية وهمية.. السكن يتحوّل إلى تجارة في العراق
11 آب 14:24
المعلومة/تقرير ..
رغم التوسع الواضح في بناء المجمعات السكنية الحديثة في العاصمة بغداد ومحافظات أخرى، فإن تلك المشاريع لم تسهم في تخفيف أزمة السكن المتفاقمة، بل أصبحت بحسب مراقبين وجهًا آخر لتفاقم المشكلة، في ظل ارتفاع أسعار البيع والأقساط الشهرية التي تفوق قدرة المواطن، خاصة من ذوي الدخول المحدودة.
وباتت مشاهد الإعلانات عن المجمعات السكنية المنتشرة على الجدران وصفحات الإنترنت مثار انتقاد وسخرية من شريحة واسعة من المواطنين، خصوصًا الطبقة المتوسطة، التي ترى أن تلك المجمعات أصبحت تجارة مغلقة على أصحاب رؤوس الأموال، بينما كان يُفترض أن تكون مدعومة حكوميًا وبأقساط ميسرة لتخدم الشرائح الأكثر حاجة.
تجارة لا سكن
يرى مواطنون أن المجمعات السكنية تحولت إلى مشاريع استثمارية ربحية، وليست حلولًا لأزمة السكن، مع تسجيل ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار الوحدات.
الخبير الاقتصادي نبيل العلي يذهب إلى أبعد من ذلك، حيث يؤكد في حديثه لـ/المعلومة/، أن "أغلب مشاريع الإسكان القائمة هي مشاريع تجارية تهدف لتحقيق أرباح عالية"،
وأشار الى أن "الفجوة بين أسعار المجمعات ومتوسط دخل المواطن تسببت في ركود كبير وحرمان الغالبية من فرصة التملك".
ولفت العلي الى أن "التمويل العقاري الميسر، والذي يُعد من الأدوات الرئيسية في حل أزمة السكن بدول عدة، لا يزال غائبا أو صعب المنال في العراق، حيث تتسم القروض المتوفرة بالفوائد المرتفعة والشروط التعجيزية، ما يجعلها بعيدة عن متناول المواطن البسيط".
الأسعار خارج متناول اليد
ويقول الباحث في الشأن الاقتصادي ضياء عبد الكريم، إن "حتى المشاريع الحكومية التي حددت سعر المتر الواحد بـ900 ألف دينار، تبقى بعيدة عن قدرة الموظف العراقي".
وأوضح لـ/المعلومة/، أن "سعر الوحدة السكنية في بعض المجمعات يصل إلى 180 مليون دينار لمساحة 200 متر، وهو مبلغ لا يمكن للموظف تحمله براتب لا يتجاوز 750 ألف دينار شهريًا".
وأضاف أن "حل أزمة السكن لا يكمن في هذه المجمعات، بل في الذهاب نحو توزيع الأراضي للفقراء مجانًا أو بأسعار رمزية، مع تحميلهم فقط تكاليف الخدمات والبنى التحتية، مما يساهم في تحريك الاقتصاد وتقليل الزخم السكاني داخل المدن".
أزمة سكن مستمرة
يُجمع مختصون على أن أزمة السكن في العراق لم تُعالج فعليًا رغم مرور سنوات على انطلاق مشاريع استثمارية واسعة في هذا القطاع. وبحسب تقارير رسمية، فإن العراق بحاجة إلى ما لا يقل عن 3 ملايين وحدة سكنية لتغطية الطلب المتزايد.
وبينما تُواصل الحكومة الإعلان عن مشاريع إسكانية جديدة، يظل التحدي الحقيقي في مدى مواءمة هذه المشاريع مع القدرة الشرائية للمواطن، بعيدا عن الأرقام والمجسمات الفخمة، بحسب مراقبين.انتهى/25م