تطبيع صامت.. إسرائيل تتصدر هيكلًا امنيا سرّيًا يضم ست دول عربية

المعلومة / خاص ...
في تسريب مثير للجدل، كشفت تقارير صحفية أميركية عن وجود هيكل أمني إقليمي سرّي تحت إشراف القيادة المركزية الأميركية يجمع إسرائيل وستّ دول عربية هي: البحرين، مصر، الأردن، قطر، السعودية، والإمارات، ضمن إطار أمني موحّد يُعرف باسم "الهيكل الأمني الإقليمي." (Regional Security Construct)
هذه المعلومات التي نُشرت لأول مرة عبر صحيفة واشنطن بوست الأميركية، تشير إلى أن التنسيق بين الأطراف المعنية لا يقتصر على لقاءات سياسية أو تفاهمات دبلوماسية، بل يشمل تعاونًا أمنيًا وعسكريًا منظمًا، يتضمن تبادل معلومات استخبارية، دمج أنظمة الإنذار المبكر، وربما التخطيط العملياتي المشترك في حالات الطوارئ الأمنية.
الوثائق المسرّبة تؤكد أن هذا التعاون يجري منذ سنوات، في الخفاء، وتحديدًا بعد ضمّ إسرائيل إلى نطاق عمل القيادة المركزية الأميركية عام 2021، في خطوة كانت تُعتبر حينها رمزية، لكنها أصبحت الآن حجر الأساس في هيكل أمني يضم أطرافًا كانت تقليديًا متباعدة سياسيًا.
ورغم أن بعض الدول المشاركة في هذا الإطار الأمني تحافظ على خطاب متحفّظ تجاه التطبيع العسكري أو الأمني مع إسرائيل خوفا من شعوبها الرافضة لاي تعاون مع إسرائيل ، فإن واقع التسريبات يكشف مستوىً متقدمًا من التنسيق التقني والاستخباري، ضمن رؤية أميركية لإعادة تنظيم أمن المنطقة.
وبحسب تحليل منشور في معهد هدسون الأميركي، فإن الاستراتيجية الأميركية الجديدة في الشرق الأوسط تقوم على مبدأ "التحالف الشبكي"، حيث يتم دمج الحلفاء الإقليميين في بنى أمنية متكاملة، لتقليل الحاجة إلى تواجد عسكري أميركي مباشر، في وقت تُركّز فيه واشنطن على مواجهة تحديات استراتيجية أكبر في آسيا وأوروبا.
هذا الإطار لا يُعدّ بديلاً عن القوة الأميركية في المنطقة، بل يُمثّل امتدادًا لها، يضمن استمرار النفوذ الأميركي عبر وكلاء وشركاء أمنيين، في تنسيق وثيق مع إسرائيل، التي تُعدّ أحد الأعمدة الرئيسية لهذا التحالف.

• 

ويرى بعض المراقبين أن هذا التشكيل الأمني يُشكّل نواة ما يُعرف إعلاميًا بـ"ناتو الشرق الأوسط"، وهو مفهوم كان يُناقش نظريًا منذ سنوات، لكنه بات اليوم أقرب إلى الواقع، وإن بقي خارج الخطاب الرسمي.
الباحث الأميركي روبرت غرينواي، وهو مستشار أمني سابق في البيت الأبيض، كتب أن هذا النوع من التحالفات هو "صيغة مستدامة للأمن الإقليمي تقودها واشنطن، وتمنح إسرائيل مركزية وظيفية في الأمن العربي.
وعلى الرغم من أن الهيكل الأمني يُقدّم للدول العربية المشاركة بوصفه مظلة حماية من التهديدات الإقليمية، إلا أن أسئلة سيادية مشروعة تُطرح منها " من يملك قرار استخدام القوة؟، وهل تتمتع الدول المشاركة بحرية الانسحاب أو الاعتراض؟، حيث يرى البعض  أن هذا الإطار يضعف السيادة الأمنية المستقلة ويعزز مفهوم "الأمن التابع"، حيث تتحول دول المنطقة إلى أطراف منفذة في مشروع أوسع تديره الولايات المتحدة وإسرائيل.
وفي ظل هذه التسريبات، يبدو أن الشرق الأوسط يُعاد تشكيله على مستوى الأمن والتحالفات، ليس عبر الاتفاقيات المعلنة، بل من خلال شبكات سرية من التنسيق، تُدار بهدوء وتُنفذ بدقة، وبينما تستمر بعض الحكومات في تقديم روايات مغايرة للرأي العام، تؤكد الوثائق أن الواقع مختلف تمامًا، ويُظهر إسرائيل شريكًا عسكريًا لدول عربية كانت حتى وقت قريب تُعلن رفضها لأي تنسيق معها. انتهى / 25