بين التعطيش والاستثمار.. طريق التنمية لتركيا والتصحر للعراق
20 تشرين الأول 14:20
المعلومة / تقرير... بينما تُمنح تركيا امتيازات تجارية واستثمارية واسعة في العراق، تستمر أنقرة في سياساتها المائية المتشددة تجاه بغداد، ما أدى إلى تصحر آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية، وتحويلها إلى مناطق قاحلة، في ظل غياب إجراءات رادعة من الحكومة العراقية. ورغم أن السياسات الوطنية يفترض أن تُبنى على أساس حماية المصالح العليا للبلاد، إلا أن الأداء الحكومي، بحسب مختصين ونواب، لا يزال ضعيفاً في مواجهة التجاوزات التركية، خاصة في ملف المياه، الذي أصبح يشكل تهديداً مباشراً على الأمن الغذائي والاجتماعي في العراق. ورأى نواب أن تقييم الحكومات لا يجب أن يُختزل في مشاريع خدمية ثانوية كإكساء الشوارع أو إنشاء المجسرات، رغم أهميتها، بل يجب أن يُبنى على طريقة إدارة الملفات الاستراتيجية، وخصوصاً العلاقات مع دول الجوار وفي مقدمتها تركيا، التي تنتهج، وفقا للخبراء، سياسة "التعطيش" بحق العراق، ضمن أطر سياسية هدفها إضعاف الاقتصاد الوطني وإجبار السكان على النزوح القسري من مناطقهم الزراعية.
استثمارات تُفتح... ومياه تُمنع ورغم سياسة أنقرة الواضحة في ملف المياه، تواصل الحكومة العراقية منح تركيا فرصاً استثمارية كبرى، من بينها مشروع "طريق التنمية" الذي سيحقق لتركيا عوائد مالية ضخمة من خلال ربطها بالخليج العربي. ويُعد هذا المشروع مثالاً على ما يعتبره البعض "تناقضاً" في السياسة العراقية، حيث تُمنح المكاسب دون ضمان الحقوق. ويؤكد خبراء في الشأن البيئي أن آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية تحوّلت خلال السنوات الأخيرة إلى صحراء، ما أجبر مئات الآلاف من العوائل الفلاحية على النزوح من قراهم نحو المدن، بعد فقدان مصادر رزقهم.
دعوات لتحرك قانوني وفي هذا السياق، دعا النائب عادل الركابي، وزير العدل إلى تحريك دعوى قضائية ضد تركيا في الأمم المتحدة، بسبب خرقها الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمياه المشتركة. وقال الركابي في تصريح لـ/المعلومة/، إن "تركيا تجني سنوياً مليارات الدولارات من الأموال العراقية عبر التجارة والاستثمار، بينما تواصل سياسة تجفيف الأنهار العراقية"، منتقداً تقاعس وزارات الموارد المائية والخارجية والعدل عن اتخاذ خطوات حقيقية لحماية حقوق العراق المائية. وأضاف انه "لابد من اتخاذ خطوات ضغط فاعلة تبدأ بالتحرك القانوني الدولي، وقد تصل إلى مراجعة العلاقات التجارية مع تركيا"، مؤكداً أن "السكوت المستمر عن هذه السياسات يُعد خضوعاً غير مبرر للأمر الواقع". موقف نيابي: المفاوض العراقي هو الأضعف
من جانبه، شدد عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية، حيدر السلامي، على أن ملف المياه ما زال يُدار بضعف من قبل الجانب العراقي. وقال السلامي في تصريح لـ/المعلومة/، إن "المفاوض العراقي ما يزال الطرف الأضعف في الحوارات مع تركيا، رغم امتلاك العراق أوراق ضغط قوية يمكن استغلالها لتعديل موازين التفاوض". وأضاف أن "جميع المفاوضات السابقة لم تُفضِ إلى نتائج تصب في مصلحة العراق، ما يستوجب وضع هذا الملف ضمن الأولويات السياسية والاقتصادية للدولة، باعتباره يمس حياة ملايين العراقيين". وختم بالقول إن "تركيا تنتهج سياسة أحادية في إدارة ملف المياه، متجاهلة القوانين الدولية المنظمة لحقوق الدول المتشاطئة، وعلى الحكومة العراقية استخدام علاقاتها التجارية كورقة ضغط أساسية لتحقيق التوازن وضمان الحصص المائية العادلة".انتهى / 25م
