وعي الشارع يغير المشهد.. الانتخابات العراقية بين قوة المشاركة واستحقاق تشكيل الحكومة
المعلومة/ تقرير..
في مشهدٍ عكس تحولاً لافتاً في المزاج الشعبي، خرج العراقيون إلى صناديق الاقتراع على نحو غير متوقع، رافعين سقف المشاركة إلى نسبٍ لم تكن مطروحة في غالب التحليلات السابقة، كاسرين بذلك حالة التردد التي خيمت لسنوات على قطاع واسع من الشارع، لاسيما ما عُرف بالناخب الرمادي .الزخم الذي اكتظت به مراكز التصويت، لم يكن اعتيادياً هذه المرة، بل حمل رسائل سياسية واجتماعية واضحة مفادها أن المواطن حسم خياره نحو التأثير المباشر، وسط مرحلة توصف بالأكثر حساسية في تاريخ البلاد المعاصر، وبالتوازي، يرتفع التحدي الداخلي بعد إعلان النتائج، حول قدرة القوى السياسية على تحويل المشاركة الشعبية إلى مسار حكومي مستقر يلتزم بالتوقيتات الدستورية ولا يعيد إنتاج أزمات الماضي.
ويرى عضو مفوضية الانتخابات السابق سعيد كاكائي، أن “المشاركة الواسعة في اقتراع 2025 لم تكن حدثاً عابراً، بل نتيجة وعي عام أسهمت السلطة الرابعة في بنائه وترسيخه”، لافتاً في تصريح لـ/المعلومة/، إلى أن “نسبة المشاركة التي تخطت 54% فاقت كل التوقعات، خصوصاً مع دخول الناخب الرمادي بقوة إلى خط التأثير لأول مرة منذ سنوات”.
وأضاف كاكائي، أن “ما تحقق لم يكن ليمر لولا الدور الإعلامي الفعال في مواجهة حملات التشكيك، ونقل صورة الواقع من الميدان إلى الرأي العام”، مشيراً إلى أن “هذا الزخم الشعبي يجب أن لا يتوقف عند لحظة الاقتراع فقط، بل يتحول إلى استقرار سياسي يترجم إرادة الناخب، لأن الثقة التي مُنحت للعملية الانتخابية قد تتآكل سريعاً إذا ابتلعتها المساومات”.
من جانبه، أكد الخبير القانوني فيصل ريكان أن “اندفاع الجماهير نحو التصويت يعكس وعياً متصاعداً بطبيعة المرحلة الراهنة، وإدراكاً بأن المشاركة لم تعد خياراً ثانوياً بل صمام أمان لمستقبل الدولة”، مبيناً في حديث لـ/المعلومة/، أن “الانسيابية التي رافقت عملية الاقتراع تعطي مؤشراً إيجابياً على تطور الإدارة الانتخابية رغم حساسية الظروف”.
وشدد ريكان، على أن “الامتحان الحقيقي يبدأ بعد إعلان النتائج، حيث يجب الالتزام الصارم بالسياقات الدستورية لتشكيل الحكومة، دون تسويف أو تعطيل، لأن البلاد لم تعد تحتمل فراغاً سياسياً جديداً”، مؤكداً أن “احترام التوقيتات الدستورية سيحمي ثقة الشارع، ويغلق الأبواب أمام سيناريوهات الأزمات المتكررة”.
ويرجح مراقبون، أن يكون الحراك الشعبي في اقتراع 2025 نقطة تحوّل في العلاقة بين المواطن والعملية السياسية، على أن تتحدد قيمة هذا التحوّل بمدى قدرة القوى الفائزة على إدارة مرحلة ما بعد الانتخابات، بدءاً من التحالفات وصولاً إلى تشكيل حكومة توازي بحضورها حجم المشاركة التي شهدتها صناديق الاقتراع.
مع انتهاء مرحلة التصويت وتصدر نسب المشاركة للمشهد، تتجه الأنظار الآن إلى ما بعد النتائج، حيث ينتظر الشارع العراقي أن لا يتحول عرس الاقتراع إلى موسم جديد من التعطيل، بل إلى سلطة تنفيذية قادرة على استثمار الزخم الشعبي وتحويله إلى استقرار سياسي وخدمي يطوي صفحة التعثر، ويبدأ فصل الاستجابة الحقيقية لإرادة الناخب.انتهى 25د
