ترحيل أهالي لاجان… شرارة انفجار شعبي تُربك قبضة الديمقراطي

المعلومة/ تقرير…

تعيش قرية لاجان التابعة لمحافظة السليمانية منذ أيام على وقع صدمة اجتماعية وسياسية غير مسبوقة، بعدما تحولت مطالب بسيطة بتوفير فرص العمل إلى واحدة من أكثر القضايا حساسية في إقليم كردستان. مشاهد العوائل التي غادرت منازلها قسراً تحت تهديد السلاح أعادت للأذهان صور التهجير القسري في سبعينيات القرن الماضي، وفتحت باباً واسعاً للجدل حول طبيعة الحكم والنهج الأمني الذي يتبعه الحزب الديمقراطي الكردستاني في مناطق نفوذه. وبين شهادات أهالي القرية وتحذيرات شخصيات سياسية معارضة، تبدو الأزمة أبعد من مجرد “حادثة محلية” لتشكل منعطفاً حاداً في العلاقة بين الشارع والسلطة.

يقول عضو تيار الموقف الوطني سامان علي في تصريح لوكالة /المعلومة/ إن “سلطات الإقليم باتت تتعامل مع أي تجمع احتجاجي بسيط على أنه مؤامرة خارجية”، مؤكداً أن سياسة الحزب الديمقراطي الكردستاني تقوم على “تجريم الاحتجاج وتخوين المواطن”، الأمر الذي أدى إلى اتساع الهوة بين المواطن الكردي والسلطة إلى مستوى غير مسبوق.

ويضيف علي أن “قوات منصور بارزاني هددت أهالي لاجان قبل تنفيذ عمليات الترحيل القسري”، معتبراً أن ما جرى “سابقة خطيرة لم يشهدها الإقليم منذ أيام النظام البائد”، خصوصاً أن الإخلاء تم دون أي إجراءات قانونية، بل بهدف إسكات المطالب الشعبية المتعلقة بالتعيينات وفتح باب فرص العمل في المصفى المجاور للقرية.

ويشير إلى أن “نهج الحزب الديمقراطي لا يسمح بأي شكل من أشكال التظاهر أو حرية التعبير”، محذراً من أن تراكم الاحتقان “قد يقود إلى موجة غضب أوسع تهدد الاستقرار الفعلي للإقليم”.

• 

في الاتجاه ذاته، يصف المعارض الكردي محمد شريف ما حدث لأهالي لاجان بأنه “إبادة جماعية سياسية بكل ما تعنيه الكلمة”، ويؤكد أن الوقائع “تشبه إلى حد كبير ما قام به النظام البائد في سبعينيات القرن الماضي من تهجير سكان القرى الكردية”.

ويشير شريف إلى أن “المطالب التي طرحها الأهالي كانت بسيطة جداً، تتعلق بتوفير فرص عمل لأبنائهم في المصفى القريب من القرية”، لافتاً إلى أن ملكية المصفى “تعود إلى منصور بارزاني”، وهو ما يثير  “تساؤلات خطيرة حول النفوذ الاقتصادي للأسرة الحاكمة وحجم الثروات التي باتت تُدار بعيداً عن أي رقابة”.

ويتساءل شريف: “أين كانت قوات البيشمركة والأسايش عندما كانت داعش تسيطر على مساحات واسعة؟ ولماذا تظهر هذه القوات الآن فقط عند مواجهة المدنيين العزّل؟”، مؤكداً أن الإجراءات الأخيرة “تعكس أزمة حكم بنيوية داخل الإقليم وفشل السلطة في الانتقال إلى إدارة مؤسساتية حقيقية”.

وبحسب مراقبين، فإن ما جرى في لاجان قد يكون بداية موجة اعتراض أوسع، لاسيما أن مناطق عدة في الإقليم تشهد منذ سنوات تراكماً للغضب بسبب تردي الخدمات وتعمق الفجوة الاقتصادية وتفرد السلطة بالقرار. ومع تزايد الحديث عن دور منصور بارزاني في الملفات الأمنية والاقتصادية، تتضاعف مخاوف الشارع من أن يتحول الإقليم إلى “بيت مغلق” تديره عائلة واحدة دون رقابة أو محاسبة.

الأزمة التي انفجرت في قرية لاجان ليست حدثاً عابراً، بل مؤشر على حالة احتقان مرشحة للتصعيد ما لم تُقدم سلطات الإقليم على مراجعة جذرية لأسلوب إدارتها. وبين اتهامات بإبادة سياسية ومخاطر سقوط الهيمنة الحزبية، يبدو المشهد مفتوحاً على احتمالات قد تعيد تشكيل ميزان القوى داخل كردستان، وربما تعيد أيضاً حسابات السلطة التي وجدت نفسها أمام شارع لم يعد يحتمل الصمت. انتهى25د