جدل “قرار التجميد” يعصف بالمشهد.. بين تحذيرات قانونية وقراءات سياسية لموقع العراق الإقليمي
المعلومة/ تقرير…
يشهد المشهد السياسي العراقي حالة من التوتر والجدل المتصاعد بعد قرار إدراج حزب الله اللبناني وحركة أنصار الله اليمنية ضمن لائحة “المنظمات الإرهابية”، ثم التراجع الرسمي عنه خلال ساعات قليلة، في خطوة أثارت موجة واسعة من التساؤلات حول آليات اتخاذ القرار داخل المؤسسات العليا للدولة. وبين الانتقادات القانونية التي اعتبرت القرار “غير مكتمل الأركان”، والقراءات السياسية التي ربطته بخرائط النفوذ الإقليمي، بدا واضحاً أن الملف تجاوز طابعه الإداري ليتحول إلى محور نقاش حول مستقبل السياسة الخارجية العراقية.
فالتداعيات المتلاحقة للقرار كشفت حجم الحساسية التي تحكم علاقة العراق بمحيطه، وحجم الضغط الداخلي والخارجي المؤثر في قرارات الدولة، في لحظة سياسية تبدو فيها بغداد أمام امتحان صعب يختبر مدى توازنها بين مقتضيات السيادة والتزاماتها الإقليمية.
وأكد المستشار القانوني علاء المشايخي أن قرار إدراج حزب الله وأنصار الله “لم يأتِ بالصدفة”، بل مرّ بسلسلة من المداولات داخل الجهات التنفيذية، مشيراً إلى أن “الغضب الشعبي والسياسي الواسع كان السبب الرئيسي في التراجع عنه”.
وقال المشايخي لـ/المعلومة/ إن القرار “لم يسقط سهواً كما ظن البعض، لكنه افتقر إلى دراسة كافية لآثاره القانونية والسياسية”، مشدداً على ضرورة إخضاع جميع القرارات المصيرية لدراسة دقيقة “تحدد إيجابياتها وسلبياتها قبل إعلانها”. وأضاف أن اللجنة المرتبطة برئاسة الوزراء مطالَبة بإصدار قرارات “محصّنة قانونياً وغير قابلة للطعن”، تجنباً لتحويل مؤسسات الدولة إلى ساحة ضغوط أو تجارب غير محسوبة.
من جانبه، رأى الباحث بالشأن السياسي حسين شلوشي أن جذور الأزمة ليست قانونية فقط، بل سياسية مرتبطة بموقع العراق داخل الإقليم. وقال شلوشي لـ/المعلومة/ إن “آخر أسوار العراق هم شركاؤه الإقليميون، وأي خطوة قد تُفسر بأنها خدمة للكيان الإسرائيلي تتعارض مع هوية الدولة العراقية وموقفها التاريخي”.
وبين أن العراق بحكم موقعه الاستراتيجي “مضطر إلى بناء علاقات وثيقة مع جيرانه”، وأن أي قرار يمسّ قوى إقليمية فاعلة مثل حزب الله وأنصار الله “قد ينعكس سلباً على التوازنات الدقيقة التي تحكم علاقة بغداد بمحورها العربي والإسلامي”.
كما حذر من أن خطوة البنك المركزي، إذا ما طُبّقت فعلياً، “ستحتاج إلى تصويت البرلمان لضمان شرعيتها الدستورية”، مشيراً إلى أن تجاوز السلطة التشريعية في مثل هذه الملفات “قد يفتح الباب أمام أزمات سياسية أعمق”.
وبين التحذير القانوني والقراءة السياسية، يبدو أن ملف إدراج حزب الله وأنصار الله قد فتح الباب على نقاش أوسع حول طريقة صنع القرار داخل الدولة العراقية، وحول هوية العراق في محيطه الإقليمي وحدود استقلاليته في ظل الضغوط الداخلية والخارجية.
وتشير معطيات الساعات الماضية إلى أن الحكومة مقبلة على إعادة تقييم شاملة للقرارات الصادرة عن لجانها المختصة، في خطوة تهدف إلى منع تكرار سيناريو التراجع السريع، وترسيخ آليات اتخاذ قرار أكثر صلابة وانسجاماً مع الدستور والسياسة العامة للدولة.انتهى25د
