تصاعد العمالة الأجنبية في العراق.. مخاوف أمنية واستنزاف لفرص العمل المحلية
المعلومة/تقرير ...
يشهد العراق تصاعدا ملحوظا في أعداد العمالة الأجنبية، في ظاهرة باتت تثير قلقا متزايدا على المستويين الأمني والاقتصادي، وسط تحذيرات نيابية وأمنية من تداعياتها على الأمن الداخلي، فضلاً عن تأثيرها المباشر في تقليص فرص العمل المتاحة للعراقيين، ولا سيما فئة الشباب العاطلين.
وتنتشر العمالة الأجنبية اليوم في قطاعات واسعة داخل البلاد، تشمل المطاعم والمقاهي وأعمال التنظيف والبناء، إضافة إلى وجودها في مؤسسات حكومية من خلال عقود تشغيلية تبرمها شركات متخصصة بتوفير عمالة أجنبية للمؤسسات الرسمية والأهلية.
هيمنة في القطاعات الحيوية
وتبرز الشركات النفطية في مقدمة الجهات التي تعتمد بشكل كبير على العمالة الأجنبية، إذ تشير تقديرات غير رسمية إلى أن نسبة العاملين الأجانب فيها تصل إلى نحو 70%، وهو ما يعزوه مختصون إلى ضعف القدرة التفاوضية للجانب العراقي في فرض نسب تشغيل أعلى للعمالة المحلية.
ويرى خبراء أن هذه السياسة تحرم آلاف المهندسين والفنيين والحرفيين العراقيين من فرص حقيقية للعمل واكتساب الخبرة، رغم قدرة السوق المحلية على تلبية جزء كبير من احتياجات تلك الشركات في حال توفر الدعم والتدريب اللازمين.
هواجس أمنية
في موازاة ذلك، حذر مختصون في الشأن الأمني من المخاطر المترتبة على تزايد أعداد العمالة الأجنبية، لا سيما غير الشرعية منها، مشيرين إلى إمكانية استغلال بعض هذه العمالة من قبل أجهزة استخبارات أجنبية لتنفيذ أنشطة تهدد الأمن الداخلي، مثل جمع المعلومات أو التورط في جرائم سرقة وخطف.
ويزداد القلق مع عمل بعض هذه العمالة داخل مؤسسات ومواقع حساسة، ما قد يتيح لها الوصول إلى معلومات أمنية مهمة.
تحذيرات نيابية
من جانبه، حذر عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، النائب ياسر إسكندر وتوت، من اتساع ظاهرة العمالة الأجنبية غير الشرعية، مؤكدًا أنها تشكل خطرًا حقيقيًا على الأمن الداخلي، وقد يفوق تهديدها التهديدات الخارجية.
وقال وتوت لـ/المعلومة/، إن "لجنته تتابع هذا الملف بشكل مستمر مع وزارة الداخلية وجهازي الأمن الوطني والمخابرات، لوضع آليات صارمة للحد من هذه الظاهرة أو القضاء عليها، نظرًا لما تمثله من مخاطر أمنية، فضلًا عن تأثيرها في سلب فرص العمل من المواطنين العراقيين".
وأشار إلى أن "نسبة كبيرة من هذه العمالة تدخل البلاد عبر محافظات إقليم كردستان، لافتًا إلى توجيه وزارة الداخلية والأجهزة المختصة بتشديد الرقابة على السيطرات، وإلقاء القبض على المخالفين تمهيدًا لإعادتهم إلى بلدانهم".
شركات أجنبية مثيرة للجدل
بدوره، أكد عضو الإطار التنسيقي علي الفتلاوي أن انتشار بعض الشركات الأجنبية، ولا سيما الأميركية والتركية، في بغداد وعدد من المحافظات، واتخاذها مواقع قريبة من مؤسسات حكومية حساسة، إلى جانب توسع ظاهرة العمالة غير الشرعية، ينطوي على تداعيات خطيرة على الأمن الوطني.
وأشار الفتلاوي لـ/المعلومة/، إلى وجود تقارير استخبارية تحدثت عن أنشطة مشبوهة لبعض تلك الشركات، فضلًا عن غموض مصادر تمويلها، ما يشكل خرقًا أمنيًا واضحًا.
ودعا الفتلاوي وزارة الداخلية إلى تشديد إجراءات منح التأشيرات للأفراد والشركات الأجنبية، وتعزيز الرقابة والتدقيق الأمني والاستخباري على العاملين فيها، خشية استغلالها لأدوار استخباراتية تمس أمن البلاد.
ومع استمرار الجدل حول العمالة الأجنبية في العراق، يبقى هذا الملف مفتوحًا على احتمالات عدة، بين الحاجة إلى تنظيم سوق العمل وضمان الأمن الوطني، وبين مطالبات متزايدة بإعطاء الأولوية للعمالة العراقية، بوصفها ركيزة أساسية لمعالجة البطالة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.انتهى/25م
