تحذيرات من تعويم الإرهاب في سوريا..صمت دولي ومجازر بحق الأقليات

المعلومة/ تقرير..
في ظل تصاعد العنف الطائفي وتكرار مشاهد المجازر في عدد من المحافظات السورية، تتزايد التحذيرات من مخاطر المرحلة المقبلة، وسط اتهامات مباشرة بتعويم الإرهاب وإعادة إنتاج التنظيمات المتطرفة تحت غطاء تفاهمات دولية غير معلنة. وبينما تستمر الانتهاكات بحق الأقليات، ولا سيما الطائفة العلوية، يلتزم المجتمع الدولي صمتاً وُصف من قبل خبراء بأنه يرقى إلى مستوى القبول بالأمر الواقع، ما ينذر بتداعيات أمنية وسياسية خطيرة على وحدة سوريا ومستقبلها.

وفي هذا السياق، حذر الخبير الأمني الفريق المتقاعد عبد الكريم خلف من تداعيات ما وصفه بـ“التفاهمات غير المعلنة” بين الإدارة الأميركية بزعامة دونالد ترامب و الجولاني، مؤكداً أن هذه التفاهمات أسهمت بشكل مباشر في إطلاق يد التنظيمات الإرهابية لتنفيذ عمليات قتل ممنهجة بحق الأقليات في سوريا.

وأوضح خلف، في تصريح لـ“المعلومة”، أن تنظيم “سرايا أنصار السنة” كان جزءاً أساسياً من هيئة تحرير الشام، مشيراً إلى أن ما يجري حالياً لا يعدو كونه توزيع أدوار بين جماعات متطرفة تحمل الفكر ذاته، وتعمل ضمن منظومة واحدة تهدف إلى فرض واقع أمني وطائفي بالقوة.

وأضاف أن أساليب الحكم المعتمدة حالياً في سوريا، في ظل ما يسمى بنظام الجولاني، تقوم على الإبادة والقتل والتضييق الطائفي، معتبراً أن هذه الممارسات تحولت إلى أدوات سياسية لإخضاع المجتمع والسيطرة على المناطق ذات التنوع الديني والمذهبي.

وأشار خلف إلى أن وزارات سيادية كالدفاع والداخلية والعدل تخضع لقيادات مصنفة إرهابية، مؤكداً أن هذه الجهات تتقاسم الأدوار في تنفيذ سياسات القمع والإقصاء بحق الأقليات، دون وجود أي مؤشرات حقيقية على معالجة الملف الأمني أو كبح جماح التنظيمات المسلحة.

وبين أن قادة نظام الجولاني يبدون رضاً واضحاً عما يحدث من مجازر وانتهاكات في عدد من المحافظات السورية، بالتزامن مع عمليات إقصاء واسعة طالت آلاف السوريين من وظائفهم ومؤسساتهم، في مشهد يعكس توجهاً ممنهجاً لإعادة تشكيل المجتمع بالقوة.

• 

من جهتها، حذرت عضو رابطة الخبراء السياسيين الدولية ميس كريدي من خطورة تعاطي المجتمع الدولي مع الجرائم المرتكبة بحق الطائفة العلوية، معتبرة أن الصمت الدولي يعكس قبولاً ضمنياً بتحويل الإبادة إلى “قضية أمر واقع”.

وأكدت كريدي، في حديثها لـ“المعلومة”، أن المشهد السوري يشهد تعويماً واضحاً للإرهاب، لافتة إلى أن قتل العلويين بات جزءاً من العقيدة الفكرية للتنظيمات المتطرفة، في ظل غياب أي مساءلة دولية أو إجراءات رادعة بحق مرتكبي هذه الجرائم.

وأضافت أن هناك اتفاقاً متزايداً بين شريحة واسعة من الناشطين السوريين على ضرورة التوجه نحو الفيدرالية السياسية، كخيار يضمن حماية المكونات ويحد من سطوة الجماعات المتطرفة، بعد فشل النماذج المركزية في إدارة التنوع السوري.

وأوضحت أن سلطة الجولاني لا تمثل كياناً سياسياً بقدر ما هي كتلة من الإرهابيين لا تؤمن إلا بلغة القتل والترويع، مؤكدة أن عناصر “هيئة تحرير الشام” لا يحملون أي مشروع دولة، وينحصر تفكيرهم بالمفخخات والعمليات الانغماسية كوسيلة لفرض السيطرة.

ويرى مراقبون أن استمرار هذا النهج، مع غياب موقف دولي حازم، ينذر بتوسع رقعة العنف الطائفي وتهديد ما تبقى من النسيج الاجتماعي في سوريا، فضلاً عن فتح الباب أمام صراعات أهلية يصعب احتواؤها مستقبلاً.

في ظل هذه المعطيات، تبدو الساحة السورية مقبلة على مرحلة أكثر تعقيداً، مع تصاعد نفوذ التنظيمات المتطرفة وتراجع فرص الحل السياسي الشامل. وبين صمت دولي مثير للجدل وتزايد الدعوات لحماية الأقليات، يبقى مستقبل سوريا مرهوناً بقدرة المجتمع الدولي على الانتقال من سياسة التجاهل إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، قبل أن تنزلق البلاد نحو فوضى شاملة لا تُبقي ولا تذر.انتهى25د