معاً في مواجهة تحديات ثقافة التفاهة والسفاهة
كتب / احمد البديري ..
” لا يوجد مَا هو أكثر فظاعة وإهانة ومدعاة للكآبة مثل التفاهة ”
أنطون تشيخوف
المحتوى الهابط، والمحتوى التافه، والمحتوى اللا أخلاقي ؛ مستويات متفاوتة من مظاهر التخريب والتسفيه التي صدعت المجتمع العراقي والتي تهدد الأمن الإجتماعي وتعصف بالثوابت الدينية والأخلاقية وانتشرت بصورة ملحوظة ومنفلتة في مواقع وبرامج التواصل الاجتماعي في السنين الأخيرة نتيجة غياب الرقابة الحكومية والأسرية لمحتوياتها التي تهدف إلى نسف كل ما هو أصيل من ثقافتنا الدينية العربية العراقية الأصيلة .
وكل من هذه المحتويات يتطلب آليات مختلفة من المواجهة والمعالجة التي لم نجد لها أي حضور لدى عامة المجتمع والمثقفين خصوصا فانخرط الكثير من الأكاديميين والمرتبطين بالمؤسسات والمنظمات الثقافية والفنية بالسابق في مضمار التافهين ، وحتى المؤسسة الدينية لم تتصدى بوضوح لردع بعض المعممين التافهين الذي اساءوا إلى العمامة والعقائد من خلال السخرية تارة والتحريف للاحكام الشرعية تارة أخرى، ولم تسلم المؤسسة التعليمية كالجامعات والمدارس من عدوى نشر التفاهة والانحطاط من خلال تورط الكثير من الأساتذة في الترويج للمحتوى الهابط أو من خلال حفلات التخرج الهزيلة التي نشهدها في بعض الجامعات ووصل الاستهتار فيها إلى حدود دنية وهابطة .
ومع الأسف ان الكثير جدا من أدعياء الثقافة والتدين انخرط في دعم التفاهة والترويج لها من خلال الدعوة إلى ترك التافهين يمارسون سخريتهم ونشر فواحشهم في السوشيال ميديا بحجة حرية الرأي والترفيه عن المجتمع رغم ان تأثيرها سلبي الخطير على العائلة والنتائج التي افرزتها على مستوى التمرد والتفاهة والانحلال في الشباب القلب النابض للمجتمع..
الحملة الإعلامية التي انطلقت لمواجهة أصحاب المحتوى التافه من قبل بعض المؤسسات الإعلامية وما تبعها من حراك قضائي وحكومي أمني لملاحقة أصحاب المحتوى الهابط هي مبادرات مهمة وضرورية جاءت في وقت مهم لتنبيه المجتمع الى هذه الظواهر الشاذة المنحرفة اجتماعيا وهي بكل تأكيد تحتاج إلى مساندة من المؤسسات الدينية والاعلامية والثقافية الأخرى كالموقف المسؤول من نقابة المحامين التي حذرت المنتمين لها والمشاركين في نشر المحتوى الهابط بعقوبة الطرد من عضويتها.
وتتطلب مواجهة ظواهر الانحطاط والتفاهة أيضا تظافر جهود كل أبناء المجتمع واطيافه لرفض المنحطين والتافهين من الإستمرار في نشر المحتوى التافه في أوساط الشباب والناشئة وبالتالي تأثرهم بالمحتوى الهابط ومحاولة تقليده وتطبيقه في حياتهم وعلاقاتهم داخل الأسرة وخارجها وما يمكن ان تنتج عنه من تمرد على كل القيم والتقاليد الدينية والعربية والتي حافظت على تماسك الأسرة والمجتمع العراقي رغم كل المحن والمأسي التي تعرض لها خلال العقود السابقة من جور الحكومات الظالمة و الغزو الأمريكي الغربي من جهة، والثقافات الشاذة التي روج لها مؤسسات إعلامية مشبوهة في سبيل نشر ثقافة الانحطاط والتفاهة بين أوساط المجتمع..
في الاخير نحن لا يسعنا للحفاظ على أولادنا والأجيال القادمة من السقوط في مستنقع التفاهة والضياع سوى أن نكون يداً بيد معاً في مواجهة تحديات ثقافة التفاهة والسفاهة..