الصحف الورقية توضع في المتاحف كآثار..!
كتب / نعيم الهاشمي الخفاجي ||
عندما اكتشف الأوروبيون آلة الطباعة، لعب هذا الاكتشاف دورا مهما وفعالا في ازدهار الصحف والمجلات، ونشر الكتب التي كان المؤلفون ينسخوها في اياديهم، بالسابق العمل شاق ومتعب عندما يتم كتابة كتاب، الحياة دائما في تطور نحو الأفضل، الإنسان المثابر عمل جهود كبيرة لتذليل العقبات، بل لم تتوقف مجالات إبداع الإنسان في مجال الاكتشافات بمجال معين، بل الإنسان وجد طرق لتحسين نوعية الثمار، بل تمكن من إيجاد فواكه لم تكن موجودة سابقا، من خلال تركيب أشجار فواكه مع بعضها البعض الآخر من خلال التطعيم، أنتج فواكه لذيذة، لم تكن موجودة سابقا. اكتشاف آلة الطباعة كان الأساس في تقدم كتابة وطباعة الكتب والصحف والمجلات والنشرات، واكتشاف التليفون وجهاز اللاسلكي البداية لتطوير الاتصالات، وتم دخول البرقية المشفرة عبر أجهزة اللاسلكي، فتح الطريق إلى دخول الفاكس ومن ثم دخول الانترنت والذي غير مجال طبيعة الحياة بشكل جدا كبير.
في حرب الخليج لتحرير دولة الكويت، اول مرة العالم شاهد مراسلين صحفيين ينقلون تقارير خبرية بالصورة والصوت نقل مباشر، بعد تفكك السوفيت، أمريكا سمحت في استخدام الانترنت، تم فتح مواقع إلى سي ان ان وبي بي سي على شبكة الإنترنت، شاب هندي وخلال استعماله النت اكتشف ماسنجر ياهو في المحادثات، ومن خلال هذا الاكتشاف تفرغت كل برامج الاتصال مثل فايبر واتس اب، واستمرت قضية إيجاد تطبيقات وبرامج للمحادثات بمواقع التواصل الاجتماعي.
الصحف الورقية كان لها دور مهم في القرن الماضي، لكن الآن انحسرت أهمية الصحف الورقية، أتذكر عندنا طالب في المرحلة المتوسطة في قضاء الحي كانت لدينا مكتبة واحدة للمرحوم حسن شيشخان، كنا نشتري الصحف، وكانت الصحف خاصة للبعث الساقط وجريدة طريق الشعب للحزب الشيوعي، وكانت أجهزة الأمن تترصد كل شخص يشتري صحيفة طريق الشعب، بعض المعلمين الذي كانوا يدرسوننا وهم من الحزب الشيوعي، يطلبون منا أن نشتري لهم صحيفة طريق الشعب، بسبب مراقبة أفراد الأمن بقضاء الحي لكل شخص يقرأ طريق الشعب وخاصة إذا كان القراء شيوعيين، في سفراتي الأخيرة لمدينتي قضاء الحي، لم تعد وجود مكتبة لبيع الصحف، رأيت في مركز محافظة واسط في مدينة الكوت بعض الصحف ولم أشاهد احد يشتري تلك الصحف بظل وجود مواقع إلكترونية إلى الصحيفة الورقية نفسها على الإنترنت يمكن المتصفح قرائتها بشكل مجاني ويستطيع التفاعل مع كتاب المقالات السياسية والثقافية من خلال كتابة التعليقات.
في الدنمارك عندما وصلتها لاجئا قبل ثلاثين عاما، كنت اشتري بعض الصحف من الكشكات الكثيرة المنتشرة بكل مكان في المدن الدنماركية، عندما دخل الانترنت، انتهت مظاهر وجود اكداس الصحف، الحكومات البلدية بالدنمارك، بكل مكتبة عامة، فتحت صالة، وضع بها عشرات أجهزة الحاسوب مربوطة على الإنترنت باستطاعت اي مواطن يستطيع أن يستعمل النت بشكل مجاني، بل وفي الكثير من المكتبات العامة، يتم إعطاء قهوة وشاي بشكل مجاني.
الآن عندما تتجول في المدن الاوروبية، تشاهد بالكثير من الأكشاك الرئيسية، توقفت عن بيع الصحف الورقية، وتم الاحتفاظ بصحف موضوعة في جام كآثار أنه كانت هذه الصحيفة تباع بهذا الكشك أو المكتبة، تغير الزمان،
في عام ٢٠١٠ الكثير من الصحف الأمريكية والبريطانية المعروفة على مستوى العالم اختصر إصدارها بالمواقع الإلكترونية وفي صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة،
في أوروبا والصين واليابان وأستراليا وكندا وحتى في إيران وتركيا والعراق استغنى الكثير من الناس عن الصحف الورقية.
لكن الشيء العجيب أن دول البداوة الخليجية ليومنا هذا يطبعون ملايين النسخ من الصحف والمجلات والتي لم يقرأها أحد، دول البداوة تضخّ الأموال وتوظّف آلاف الكتاب من فيالق الارتزاق وبكثرة لتكريس نهج البداوة لتجميد الفكر السياسي للمتلقين ومسخهم وتحويلهم إلى بهائم، بل المال الخليجي اشترى مئات المواقع الإلكترونية بعضها كان يدعي انها ليبرالية يسارية مثل إيلاف وإذا بها واجهة لنشر الفكر الوهابي والكراهية وتكفير للناس، أين ما ما وجد المال الخليجي وجد شراء الذمم والقيم، هناك مقولة تقول، فتش عن المال، تجد الوحش قابعاً في الكهف المظلم، يبثّ سراياه في قلب الظلام لتقاتل نور الشمس.
توزيع دول الخليج الهبات والأموال والهدايا وصلت لساسة بالغرب، وتحدث عن تلك الهبات والرشاوى ساسة وصحف غربية كثيرة، الأموال التي صرفتها دول الخليج في نشر الوهابية وإقامة مساجد ودعم آلاف المراكز الثقافية للجاليات العربية والإسلامية بالغرب، كانت السبب الرئيسي في ذهاب عشرات آلاف الإرهابيين لتفجير أنفسهم بالعراق وسوريا، واحصائية وزارة الداخلية العراقية التي نشرت بعد هزيمة داعش، الاحصائية تقول قتل ٢٢٠٠٠ ارهابي اجنبي بالعراق، وتم ذكر أعداد القتلى من الإرهابيين لكل الدول، للأسف معظم الدول الغربية ذهب الكثير من مواطنيهم من أصول عربية
واسلامية للعراق لتفجير انفسهم، هؤلاء كانوا ضحية المال الخليجي الذي أشترى ذمم الكثير من أئمة المساجد والخطباء والكتاب والصحفيين الذين روحوا لنشر الفكر الوهابي الظلامي.
المال الخليجي أنفق ونجح في تجنيد وحوش الدمار من البهائم البشرية، وللاسف أنفق المال الخليجي باسم الإسلام في العالم، العقل والمنطق يقول من أين تصرف جمعيات الإخوانية الوهابية سابقا وحاليا، من أين تصرف رواتب هؤلاء، وكيف تدفع إيجارات مراكزهم ومساجدهم، وكيف يسافر الكثير من ناشطيهم، أكيد هناك أموال تصلهم، مجاميع الإرهابيين الذين ذهبوا وفجروا أنفسهم من الذي أعطاهم الأموال وتكفل في نقلهم واطعامهم، وايصالهم إلى أماكن الصراع، ببساطة المال الخليجي اشترى الذمم، الأموال الخليجية مولت وطبعت صحف في الغرب مثل الشرق الأوسط والحياة وووووالكثير من المجلات، بل مولوا محطات فضائية لكل قنوات الفتنة ونشر الكراهية، قناة صفا كيف تمول وكيف يدفعون أموال للاقمار الاصطناعية، ودفع ايجارات المقرات إدارية، والاستوديوهات.
ربما انا من الكتاب والصحفيين القلائل الذين وصلهم المال الخليجي ورفضوا ذلك بكل قوة وحسم، لأن عرض الأموال عليك تعني شراء قيمك ومواقفك، وهذا لايشرف كل شريف، لو تابعنا مئات الكتاب والصحفيين من فيالق الارتزاق ومن كلا الجنسين، والذين كانوا يدعون التقدمية والديمقراطية واليسار، لو تابعت أحوالهم المادية فإنك تصل إلى الحقيقة، وتعرف ان سبب تهافت هؤلاء المرتزقة ممن يدعون أنفسهم يساريين من بعض العراقيين واللبنانيين فتجد أن هناك من يعطيهم ويوصل لهم المال، لدينا في السوبرماركتات بالغرب أقسام خاصة لطعام الحيوانات الألفية من صنف الثدييات والزواحف، وتجد عظام تباع، عندما ترمي العظم تأتيك الحيوانات الاليفة من صنف الثدييات بالهرولة، هذا هو حال الكثير من الكتاب والصحفيين والمثقفين الذين كانوا يدعون أنهم ضد الرجعية ومع الديمقراطية وتحرير المراة.
بكل الأحوال، بظل وجود الصحافة الالكترونية وتطبيقات مواقع التواصل انتفت الحاجة إلى الصحف الورقية، ولم يبقى لها وجود بالمستقبل، حتى دول العالم الثالث والتي دخل لها النت بشكل وآخر تستغني عن الصحف الورقية
في الختام، وصل النت إلى الغالبية، ورغم انتفاء أهمية الصحف الورقية لكن تبقى أموال البداوة تدعم وتطبع الصحف الورقية، لنشر الكراهية، والترويج لانظمة حكمهم الفاسدة.