بعض الملاحظات عن الاحداث في كركوك .
كتب / محمد صادق الهاشمي ||
اولا – خسر الكرد مواقعهم في كركوك التي اكتسبوها بعد ٢٠٠٣ م ، بدعم أمريكي وغربي لعائلة مسعود البارزاني ، الذي مثل الشرطي الحارس على نفط كركوك . وقد حاول حزب بارزاني تكريد (كركوك) ، ومنع حقوق باقي المكونات ، ما ساعده على ذلك ، هو ضعف الحكومة المركزية ، وانشغالها في الصراعات الجانبية بين الأحزاب ، التي استفاد منها حزب بارزاني ، ووسع رقعة سيطرته من حيث المساحة و من حيث الثروات الطبيعية ، بل وصل به الأمر إلى التمادي بتصريحات بضم محافظة (ديالى) إلى حلم الإمبراطورية الكردية التي يحلم بها.اليوم ونحن نشاهد علامات احتضار المشروع السياسي للعائلة الحاكمة في الإقليم ، يحاول حزب الديمقراطي الكوردستاني ،العودة من بوابات كركوك …جاء ذلك بعد ٢٠ يوماً من قرار رئيس مجلس الوزراء السوداني ، بإخلاء مقر مجلس قيادة كركوك – كرميان للحزب الديمقراطي الكوردستاني، كما أخبروهم أنه من حق الحزب استعادة مقراته”
ثانيا – ذهب الكثير بأن ذلك هو جزءًا من التفاق بين (ائتلاف إدارة الدولة) الذي جاء بالحكومة الحالية ، إذا اضفنا لها الإتفاق على مادة ١٤٠ و فضلاً عن أن الإتفاق تضمن إخراج الجيش والحشد الشعبي والشرطة الاتحادية من كركوك، وتسليم إدارتها إلى شرطة محلية، يتم تشكيلها من سكان المدينة الأصليين، وهذا هو الخطر بحد ذاته وإن اعتراض التركمان والعرب من سكان محافظة كركوك ، أحد أسبابه ما ذكر أعلاه ، لكن لماذا :
1/ ويرى معظم التركمان والعرب في المدينة، أن محاولة الحزب الديمقراطي الكردستاني فصل كركوك عن العراق عبر ما يسمى “استفتاء الاستقلال” عام ٢٠١٧م كان “خيانة”، لذلك يعتبرون عودة الحزب إلى المدينة مجددًا “تهديدا وجوديا”.
2/ سلب حق المكونات كركوك ، إضافة إلى التهجير والمضايقات ،التي عانى منها سكان كركوك سابقاً ، قبل دخول الجيش العراقي والسيطرة على المحافظة .
3- ترك كركوك في ٢٠١٤ م لقمة سائقة أمام تنظيم داعش ، بعد تركها من قبل القوات بشمركة الكردية .
4- أهالي كركوك يرون إنهم يعيشون في أمان بكركوك منذ ٦ أعوام، وإنهم لا يريدون زعزعة هذا المناخ الآمن.
ثالثا – لأول مرة منذ عام ٢٠٠٥ ستُجرى انتخابات مجالس المحافظات في كركوك، حيث عرف العراق منذ عام ٢٠٠٣ ثلاثة انتخابات محلية، الأولى عام ٢٠٠٥، تلتها انتخابات عام ٢٠٠٩، ثم عام ٢٠١٣، إلا أن كركوك لم تشهد إلا دورة انتخابية واحدة.من حق أي كيان سياسي أن يمارس عمله ، بشرط أن لا يكون مصدراً للازعاج أبناء المدينة أو المحافظة ، وأن يمارس حقوقه بالحدود المسموح فيها ، لكن ما رأيناه وما نراه بأن الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، سيفعل ورقة العرب والكرد والتركمان من جديد، وهذا سيفعل الدور التركي الذي سيجد الحجة بتدخله في كركوك تحت عنوان (حماية المكون التركماني) ، وهنا أزمة جديدة تخدم الترك وبعض أطراف الكرد على حساب المكونات الأخرى ، مما سيثير مشاعر الكثير من مواطنيها ، وهذا بحد ذاته أمرا مقلق جداً.
خصوصاً وهو لا زال يطالب بتطبق للمادة ١٤٠ في الدستور الذي أقر عام ٢٠٠٥ ، لم يأتي ذلك من فراغ ، إنما من شجعهم على العودة بمطالبة الحكومة المركزية بتفعيل المادة ١٤٠ هو ” الاتفاق بشأن إعادة تفعيل اللجنة المعنية بتشكيل المادة ١٤٠ كان ضمن اتفاق جميع القوى الموقعة على وثيقة تأسيس ائتلاف إدارة الدولة إبان التفاهمات السياسية حول تشكيل الحكومة، وأن عدم الالتزام بهذه التعهدات يجعل كل طرف سياسي في حِل من التزاماته، مما يهدد مستقبل الحكومة “؟.
رابعا – كيف رأى العرب والتركمان قرار الحكومة المركزية :
1/ أن قرار تسليم مقر قيادة قوات العمليات في كركوك إلى الحزب الديمقراطي دفع أبناء المكون العربي و التركماني إلى الخروج بتظاهرات تنديداً ورفضاً لهذا القرار.
2/ يرون بأن القرار صدر بصفقات سياسية أجريت بين القوى السياسية في بغداد والأحزاب الكوردية أثناء تشكل الحكومة الحالية.
3/ في حال الإصرار على هذا القرار ، ربما يؤدي إلى إستمرار التظاهرات لحين إلغاءه ، فهو مرفوض من قبل المكونين العربي والتركماني”.
خامسا – كيف يفسرون الحزب الديمقراطي تلك الاحتجاجات من وجهة نظرهم :
1/ أن “عرقلة عودة مقرات الحزب الديمقراطي إلى داخل كركوك يضر بالعملية السياسية وبالاتفاقات المبرمة بين حكومتي الإقليم والاتحادية من جهة، وبين الحزب الديمقراطي الكوردستاني وائتلاف إدارة الدولة من جهة أخرى”.
2/ مطالبة الحكومة الاتحادية بتنفيذ القانون، وإزاحة الذين يقطعون الطرق ويتظاهرون، واسترداد مقرات الحزب في كركوك، وكذلك في محافظة( نينوى) !.
3/ أن عودة بيشمركة و الحزب الديمقراطي يعود لثلاثة أسباب وحسب زعمهم ؛ أولهما: خدمي ؛ يرى الحزب الديمقراطي عندما يدخل كركوك سوف تكون هناك فرصة كبيرة لجماهير هذه المدينة للاعتراض على الخدمات المتردية.
4/ سيساهم الحزب الديمقراطي بضبط الوضع السياسي غير المستقر ، إلى مستقر ! وهذا عكس ما يراه القوى السياسية في كركوك .
5/ المطالبة بعودة البيشمركة مرة أخرى ، يهدف إلى حماية أمن واستقرار المدينة” ، التي تركوها في ٢٠١٤م كهدف سهل للإرهاب .
سادسا – اجماع المحللين
1/على رئيس مجلس الوزراء ، تأجيل هذا القرار (عودة حزب الديمقراطي ) ، لحين أخذ الموافقات من الأطراف الأخرى في المحافظة ، ولا ننسى بأن الحكومة المركزية عليها أخذ ضمانات كافية لعدم عودة وضع محافظة كركوك إلى ما قبل ٢٠١٧ م ، إضافة إلى عدم سحب قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي من تلك المناطق ، لما له من خطر كبير على العراق وباقي المحافظات المجاورة لكركوك ، ونحن نسمع بين فترة وأخرى من الأمريكيين بأن انساحبهم من العراق سيعيد المجاميع الارهابية من جديد . وهنا علامات استفهام .
2/ من الموكد ان امريكا تريد اشعال الازمة في كركوك وقد نبه السيد نصر الله بامكانية وبمخطط امريكا لاعادة داعش الى المنطقة او نسخة مماثلة كما ان الامريكان حثوا الديمقراطي بتعجيل الدخول قبل نتائج الانتخابات حتى لاتقع كركوك بيد الحكومة الاتحادية او المكونات غير الموالية لامريكا وقطع يد ايران ودورها في كركوك
3/ ربما يهدف البارتي والامريكي حال لم يتمكن البارتي من بسط نفوذه من احداث الفوضي في كركوك
4/ الكرد هم اقلية ولكنهم يصرون على انهم هم الاكثرية علما ان التركان وحدهم يشكلون 35% من سكان كركوك وهذا يعني ان الصراع القادم سوف تدخل فيه تركيا على الخط
5/ البارتي واغلب الاحزاب الكردية اهتزت ثقة الجمهور الكردي بهم ولم يعد شعاراتهم القومية موثرة وخصوصا اسرة مسعود القمعية من هنا نجد ان الفرصة كبيرة لحث الكرد في كركوك للوقوف ضد البارتي تضامنا مع التركمان والعرب
6/ الحل الاوحد حال عودة البرزاني تفعيل دور الملف الامني وابقائه بيد الجيش والشرطة وجهاز مكافحة الارهاب والحشد الشعبي ويكون للبيشمركة دورا من جناح الاتحاد وليس البارتي
7- يعتقد المحللين ان الشيعة دورهم ضعيف في كركوك فلابد ان يفعلوا دورهم من خلال التحالف مع الاتحاد لمنع البارتي من الاستيلاء على كركوك كما ان الخطر التركي قائم لانه يريد كسب التركمان والسنة العرب ضد ايران
8- لابد من الضغط على مسعود بان لايتصور ان كركوك يمكن الهيمنة عليها بعد رفض المكونات له واذا اراد ان يفعل المادة 140 فانها اول شروطها اجراء الاحصاء ثم الاستفتاء وهما غير ممكن حصولهم مما يجعل الحل بيد الاتحادية ويبقي كركوك تحت خيمة الاتحاد والتركمان والعرب تحت سيطرة بغداد