ويستمر خمط البرزاني وتتوالى التنازلات الحكومية
كتب / رياض سعد ||
من الواضح ان القوى الشيعية المشاركة في تجربة العملية السياسية بعد سقوط الصنم الطائفي الهجين , اريد لها ان تكون في موضع الضعف , او لا اقل في وضع لا يستم بالقوة والمركزية ولا يسمح لها بممارسة صلاحيات كبيرة و واسعة , ومعرض للضغوط الداخلية المناوئة والخارجية المعادية ؛ الامر الذي جعل قادة وساسة الاغلبية العراقية الاصيلة عرضة للابتزاز والاستغلال والصفقات السياسية المشبوهة , وهذا ما اراده الامريكان والبريطانيون .
وقد فهم الاكراد الانفصاليين هذه اللعبة السياسية , وبتشجيع من قوى الاستكبار ولاسيما الصهاينة ؛ تمادى الاكراد الانفصاليون بمطالبهم التعجيزية وطلباتهم الباطلة والتي لا تنتهي ولا تقف عند حد معين ؛ فهم يريدون منا ان نتنازل عن كركوك وسهل نينوى وسنجار واجزاء من ديالى , بل بعضهم ذهب بها بعيدا وادعى ان كل جبل وهضبة في العراق ينبغي ان تنضم لإقليم الانفصال الكردي حتى وان كانت في مدينة الكوت او العمارة , ولعلنا نعيش ونسمع في قابل الايام ان جبل احد كرديا ايضا …!! .
ناهيك عن عمليات النهب لثروات الشمال والجنوب المستمرة لصالح الانفصاليين ومافيات الفساد في محافظات الشمال , وصفقات الفساد والابتزاز المالي بشتى الذرائع والحجج الواهية , اذ لم تكتف محافظات الشمال المنفصلة ( عمليا ) والمتمردة ( واقعيا) بكل هذه الامتيازات الباطلة , بل اضحت وكرا للتآمر والتخريب والتهريب والفساد والجريمة المنظمة ؛ و مقرا لمجرمي البعث وجلادي الاجهزة القمعية الصدامية , ومكانا امنا للإرهابيين والطائفيين والخونة الانفصاليين والهاربين من وجه القانون والعدالة والمطلوبين للامة العراقية .
فهذه المحافظات المنفصلة والمتمردة ؛ تريد ان تأخذ المزيد والمزيد من الثروات العراقية والخيرات الوطنية والاموال الجنوبية ؛ كي تبني وتعمر محافظاتهم او ما يسمى بـ ((كردستان)) وذلك على حساب خراب ودمار واستحقاقات محافظات الجنوب والوسط ؛ ومن ثم اعلان الانفصال والاستقلال التام والاندماج فيما بعد مع المدن الكردية الايرانية والتركية والسورية كما يحلمون بذلك … ؛ وفي مقابل كل هذه التنازلات المهينة لا يدفع الاكراد دينارا واحدا للحكومة العراقية , من الموارد المالية والخيرات والثروات العراقية في الشمال , بل ويطلبون من الحكومة العراقية دفع رواتب مليشيات الاكراد والتي طالما حاربت الحكومات العراقية وقتلت افرادا من الجيش العراقي , بل واهانت العلم الوطني ورفعت مكانه العلم الانفصالي مع العلم الاسرائيلي , ودفع رواتب موظفي الاقليم كافة , مع العلم ان اعداد هؤلاء الموظفين مبالغ فيها جدا , فالكثير من هذه الاسماء وهمية واغلب هذه الوظائف ( فضائية ) ,فقد وصل الاستهزاء بالحكومة العراقية ان الاكراد الانفصاليين سجلوا اسماء موظفين في سكك الحديد علما ان الشمال يخلو من هذه السكك فلا توجد سكك حديدية او قطارات تعمل في الشمال , بل انهم جاءوا بالأكراد الايرانيين والسوريين والاتراك ؛ وقاموا بتزوير مستمسكاتهم الثبوتية ؛ واعطاءهم الجنسية العراقية ؛ من اجل اجراء التغييرات الديموغرافية المنكوسة والمشبوهة للاستيلاء على المزيد من الاراضي والثروات والاموال العراقية بالباطل والتزوير والتدليس والخداع والتآمر والخيانة .
فالحضور الكردي الانفصالي ( وليس الوطني ) السياسي في العراق كان دائماً إشكالياً وملتبساً وصعباً ، بل هو اشبه بالقنبلة الموقوتة ؛ و على مدى معظم تاريخ الدولة العراقية الحديثة منذ تشكيلها بعد الحرب الأولى وحتى هذه اللحظة الحاضرة … ؛ فهم كانوا ولا زالوا لا يشعرون بالانتماء الحقيقي للامة العراقية ولا يؤيدون قيام اية دولة وطنية قوية مركزية في العراق , فهم كما يقول المثل العراقي الشعبي : ((سجّينه بالخاصره )) تهدد العراق والعراقيين بصورة دائمة ومستمرة ؛ والسبب الجوهري في ذلك لانهم من اصول وجذور اجنبية وغريبة ولا تمت بأية صلة لبلاد الرافدين ؛ ولعل الفرق الجوهري الذي من خلاله تميز الكردي العراقي الاصيل عن الكردي الدخيل الهجين ؛ ان الاول يحب العراق والامة العراقية بينما الثاني يكره العراق ويفضل الاجانب والغرباء على العراقيين الاصلاء …. ؛ نعم هنالك الكثير من الاكراد العراقيين الوطنيين الذين خرجوا من شراك السياسات الانفصالية والدعوات القومية والشعارات العنصرية والحركات الارهابية والتخريبية الكردية واغراءات المظلومية الكردية ؛ ودخلوا في العمل السياسي العراقي والحراك الوطني ؛ وهم مؤمنون بالعراق الواحد والامة العراقية الواحدة التي تضم العرب والكرد وغيرهما كقوميات وطوائف وجماعات متساوية في الحقوق والواجبات .
ومن اخر المهازل والتنازلات ما قامت به حكومة السوداني مؤخرا ؛ فعلى الرغم من تمرد الاقليم وعصيانه وعدم تنفيذه للأوامر والتعليمات الحكومية المركزية فيما يخص دفع المستحقات المترتبة على الاقليم جراء تصدير النفط وحق الحكومة في باقي الموارد المالية , بل واختفاء المبالغ الطائلة السابقة والتي تدفعها الحكومة للإقليم بعنوان ( رواتب موظفين ) … ؛ اذ تبرع الامير بما لا يملك ؛ فكل دينار يصرف بغير وجه حق على الاقليم ؛ انما هو مسروق من استحقاقات وموازنات محافظات الجنوب والوسط المظلومة والمغبونة ؛ فقد اعطت حكومة السوداني للبرزاني مبلغ وقدره ( 700 مليار ) لدفع رواتب شهر تموز فقط ؛ بحجة انها قروض ؛ وسارعت سفيرة الشر والبؤس الاميريكية رومانوسكي بالثناء على قرار الحكومة الاتحادية بمنح (( كردستان )) اموال رواتب موظفيه كما تتدعي ؛ ومن هذا التصريح تفهم خيوط اللعبة الامريكية القائمة على تهميش وتدمير واستغلال محافظات الجنوب وتطوير الاقليم وكل من يركب في القطار الامريكي ؛ والذي يحيرني من ساسة الاغلبية انهم سواء صعدوا ام لم يصعدوا القطار الامريكي فالامر سيان بالنسبة لاوضاع الاغلبية واحوال محافظات الجنوب والوسط ..!!
وقد سرب البعض معلومات تفيد بأن حكومة السوداني قد ارسلت الى قادة اربيل الانفصاليين مبالغ مالية وخلال سبعة اشهر فقط ,تقدر ب ( 4 تريلون و698 مليار دينار ) ؛ كل هذه الاموال الطائلة تؤخذ من خزائن العراق وخيرات الجنوب ؛ بينما تعيش مدن الجنوب وضعا مأساويا بائسا لا يليق بالعراقيين الاصلاء ابدا .