عن قرارِ مجلس النوَّابِ مُناقشةِ دَورهِ الرَّقابي
كتب / نــــــزار حيدر
١/ هي المرَّة الأُولى التي يُقرِّر فيها مجلس النوَّاب تقييم أَداءهُ الرَّقابي منذُ أَن تشكَّلَ أَوَّلَ مرَّةٍ في [٢٠٠٦/٣/٦].
٢/ لقد حدَّدَ الدُّستور في المادَّة (٦١) [٩] إِختصاصات حصريَّة مُهمَّة لمجلسِ النوَّاب أَهمَّها وعلى رأسِها؛ التَّشريع والرَّقابة كما وردَ في [أَوَّلاً؛ تشريع القَوانين الإِتحاديَّة وثانِياً؛ الرَّقابة على أَداء السُّلطة التنفيذيَّة].
وبرأيي فإِنَّهُ فشلَ بشكلٍ كبيرٍ في كِلا الإِختصاصَينِ، التَّشريع والرَّقابة، إِذ مازالت هُناك الكثير جدّاً من التَّشريعات الإِستراتيجيَّة المُهمَّة التي لم يمرِّرها مِنها على سبيلِ المثالِ لا الحَصر [المادَّة (٦٥) أَوَّلاً؛ يتمُّ إِنشاء مجلس تشريعي يُدعى بـ (مجلس الإِتِّحاد) يضمُّ مُمثِّلينَ عن الأَقاليمِ والمُحافظاتِ غَير المُنتظَمة في إِقليمٍ، ويُنظَّم تكوينهُ وشرُوط العُضويَّة فيهِ واختصاصاتهِ وكُلَّ ما يتعلَّق بهِ بقانونٍ يُسنَّ بأَغلبيَّة ثُلثَي أَعضاء مجلس النوَّاب] و [المادَّة (١١٢) أَوَّلاً؛ تقومُ الحكُومةُ الإِتحاديَّة بإِدارةِ النَّفط والغاز المُستخرج من الحقُولِ الحاليَّةِ معَ حكُوماتِ الأَقاليمِ والمُحافظاتِ المُنتجةِ على أَن توزَّع وارداتها بشَكلٍ مُنصفٍ يتناسب معَ التَّوزيع السكاَّني في جميعِ أَنحاءِ البلادِ، مع تحديدِ حُصَّةٍ لمُدَّةٍ مُحدَّدةٍ للأَقاليمِ المُتضرِّرة والتي حُرِمت منها بصورةٍ مُجحفَةٍ من قِبلِ النَّظامِ السَّابقِ والتي تضرَّرت بعدَ ذلكَ بما يُؤَمِّن التَّنمية المُتوازِنة للمناطقِ المُختلفةِ من البلادِ، ويُنظَّمُ ذلكَ بقانونٍ] و [المادَّة (٩٢) ثانياً؛ تتكوَّن المحكمة الإِتحاديَّة العُليا من عددٍ من القُضاة وخُبراء في الفقهِ الإِسلامي وفُقهاء القانُون، يُحدَّد عددهُم وتُنظَّم طريقة إِختيارهِم وعملِ المحكمةِ بقانونٍ يُسنَّ بأَغلبيَّة ثُلثَي أَعضاء مجلس النوَّاب].
فضلاً عن ذلك فإِنَّهُ فشلَ في إِلغاءِ واستبدالِ كمٍّ هائلٍ من قراراتِ [مجلسِ قيادةِ الثَّورة] المُنحلِّ والتي مازال معمُولٌ بها في كُلِّ مفاصلِ الدَّولةِ.
أَمَّا على الصَّعيدِ الرَّقابي فإِنَّ الفشلَ الذَّريع بادِياً للعِيانِ في كُلِّ شيءٍ منها على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ ملفِّ تعيينِ الدَّرجاتِ الوظيفيَّةِ الخاصَّةِ بالوِكالةِ وأَكثر من [٨٠٪] من البرنامجِ الحكوميِ الذي مازالَ حبراً على ورقٍ لم يُلامسِ الواقعِ وعلى الأَرضِ.
٣/ والسَّببُ في كُلِّ ذلكَ واضحٌ جدّاً؛
أ/ فإِنَّ من طبيعةِ الحكوماتِ التوافقيَّة هوَ التستُّر وعدمِ الرَّقابةِ، فما لم تتشكَّل حكُومة أَغلبيَّة [برلمانيَّة] وتذهب الأَقليَّة [البرلمانيَّة] للمُعارضةِ، فمن المُستحيل أَن نشهدَ أَيَّ تنشيطٍ للرَّقابةِ البرلمانيَّةِ.
ليسَ من مصلحةِ [المُوالاةِ] الرَّقابةِ وليسَ من مصلحةِ [المُعارضةِ] التستُّرِ.
ولهذا السَّبب عطَّل مجلس النوَّاب المادَّة الدستوريَّة رقم (٥٣) والتي تنصُّ على [أَوَّلاً؛ تكونُ جلَسات مجلس النوَّاب علنيَّة إِلَّا إِذا ارتأَى لضَرورةٍ خلافَ ذلكَ] خَوفاً من الفضائحِ وللتستُّرِ على غيابِ الدَّورِ الرَّقابي ولتكريسِ التَّوافُقاتِ الباطِلةِ.
ب/ حاكميَّة التَّوافُقات على الدُّستور والقانُون هي القاعدةُ التي تحكُم وتتحكَّم بالنِّظام السِّياسي، وهيَ نتيجة المُحاصصة المَقيتة التي تتحكَّم بالبلدِ طولاً وعَرضاً ولذلكَ لا يمكنُ أَن ننتظرَ أَيَّ تفعيلٍ للرَّقابةِ البرلمانيَّةِ، لأَنَّ القرارَ ليسَ تحتَ قُبَّة البرلمان وإِنَّما خلفَ أَبواب الغُرفِ المُظلِمةِ التي تجتمِع فيها زعامات القُوى السياسيَّة التي تتعامَل مع النوَّابِ [كَراعٍ يهشُّ على غنمهِ في حظيرةِ الحَيواناتِ]!.
تأسيساً على كُلِّ ذلكَ فأَنا أَجزِمُ بأَنَّ قرار المجلِس مُناقشةَ دورهِ الرِّقابي في جلسةِ الغدِ هي خُطوةٌ للإِستهلاكِ المحلِّي وهيَ تعبيرٌ عن البطالةِ المُقنَّعةِ وتضييعِ الوقتِ!.