بين التجاهل التركي وضعف الإدارة.. المياه تختفي من العراق
24 تموز 14:28
المعلومة / بغداد...
يواجه العراق في الآونة الأخيرة واحدة من أخطر الأزمات البيئية التي شهدها خلال السنوات الماضية، في ظل تفاقم غير مسبوق لموجات الجفاف وانخفاض مناسيب المياه في عدد كبير من المسطحات المائية، بما في ذلك الأهوار والبحيرات والسدود المنتشرة في وسط وجنوب البلاد.
وتأتي هذه التطورات وسط تحذيرات نيابية متصاعدة من كارثة بيئية وشيكة قد تؤدي إلى فقدان التنوع البيولوجي وتدمير مصادر رزق آلاف العائلات.
عضو لجنة الزراعة والمياه في مجلس النواب، النائب ثائر الجبوري، أكد في تصريح خاص لـ/المعلومة/، أن شهر تموز الحالي شهد تفاقمًا خطيرًا في أزمة الجفاف، وصفه بالاستثنائي والمعقد، مشيرًا إلى أن أكثر من عشرين مسطحًا مائيًا مهددة بفقدان ثرواتها السمكية بشكل كامل نتيجة انخفاض مناسيب المياه، لا سيما في مناطق الأهوار والأنهر الفرعية الواقعة ضمن محافظات الفرات الأوسط والجنوب.
وأوضح الجبوري أن تراجع كميات المياه أدى إلى نفوق كميات كبيرة من الأسماك، فيما سجلت مناطق عديدة هجرة جماعية للجاموس بسبب انعدام المراعي وارتفاع درجات الحرارة.
كما أشار إلى أن الأزمة لا تقتصر على الثروة السمكية فحسب، بل تشمل خطرًا أكبر يهدد التوازن البيئي بأكمله، بما في ذلك الطيور المهاجرة والنباتات المائية، فضلًا عن انعكاساتها السلبية على سكان المناطق الريفية.
وحمّل الجبوري الجهات المعنية مسؤولية غياب المعالجات الجذرية، منتقدًا السياسات المائية الحالية التي وصفها بالعشوائية وغير المستجيبة لحجم التحدي، داعيًا في الوقت نفسه إلى اعتماد استراتيجية وطنية طويلة الأمد تستند إلى خطط واضحة لمواجهة آثار التغيرات المناخية وشح المياه، وتضمن إدارة فعالة للموارد المائية وتوزيعها بعدالة.
وتشير التقارير إلى أن مناطق مثل أهوار ذي قار وميسان والبصرة تعاني من انكماش مساحات المياه إلى مستويات خطيرة، وصلت في بعض الأماكن إلى الجفاف الكامل، ما أعاد مشاهد التصحر القاسية التي عاشتها هذه المناطق في تسعينيات القرن الماضي، كما تأثرت بحيرات رئيسية مثل الثرثار والرزازة والحبانية، وسط مخاوف من فقدانها لوظائفها البيئية ومكانتها كمصادر مياه استراتيجية.
في المقابل، يعزو مختصون في شؤون المياه والجفاف تصاعد الأزمة إلى عدة أسباب متداخلة، أبرزها قلة الإيرادات المائية من دول الجوار، والاستمرار في بناء السدود وتحويل مجاري الأنهار، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، وضعف التخطيط المائي الداخلي، وعدم وجود تنسيق فعّال بين الحكومة الاتحادية وحكومات المحافظات في إدارة المياه.
وتطالب أوساط نيابية وشعبية بإعلان حالة الطوارئ البيئية في المناطق المتضررة، والعمل على تفعيل الاتفاقات المائية مع دول المنبع، واللجوء إلى المنظمات الدولية لدعم العراق في مواجهة واحدة من أعقد الأزمات التي تهدد أمنه البيئي والغذائي والاجتماعي، في وقت تبدو فيه الحلول السريعة محدودة دون تدخل سياسي حاسم وإرادة حقيقية لتغيير واقع إدارة المياه في البلاد.
وسط هذه الظروف القاتمة، يبقى السؤال الأهم: هل يتحرك صانع القرار قبل أن تجف آخر قطرة في الأهوار؟.انتهى25/س